على أنّ العلّية
والمعلوليّة رابطةٌ عينيّة خاصّة بين المعلول وعلّته ، وإلاّ لكان كلٌّ شيء علّةً
لكلِّ شيء وكلُّ شيء معلولا لكلِّ شيء ، والماهيّة لا رابطةَ بينها في ذاتها وبين
غيرها.
ويستحيل أن يكون المجعول هو الصيرورة ، لأنّ
الأثر العينيّ الأصيل حينئذ هو الصيرورة التي هو أمرٌ نسبيٌّ قائمٌ بطرفين ، والماهيّة
ووجودها إعتباريان على الفرض ، ومن المحال أن يقوم أمرٌ عينيٌّ أصيلٌ بطرفيَن
إعتباريَّيْن.
وإذا استحال كون المجعول هو الماهيّة أو
الصيرورة تعيَّنَ أنّ المجعول هو الوجود ، وهو المطلوب.
فقد تبيّن ممّا تقدّم :
أوّلا
: أنّ هناك علّةً ومعلولا.
وثانياً
: أنّ كلّ ممكن فهو معلول.
وثالثاً
: أنّ العليّة والمعلوليّة رابطةٌ
وجوديّهٌ بين المعلول وعلّته ، وأنّ هذه الرابطة دائرةٌ بين وجود المعلول ووجود
العلّة ، وإن كان التوقّف والحاجة والفقر ربّما تُنسب إلى الماهيّة ، فمستقَرُّ
الحاجة والفقر بالأصالة هو وجود المعلول ، وماهيّته محتاجةٌ بتَبَعِه.
ورابعاً
: أنّه إذ كانت الحاجة والفقر بالأصالة
للوجود المعلول ، ـ وهو محتاج في ذاته ، وإلاّ لكانت الحاجة عارضة وكان مستغنياً
في ذاته ولا معلوليّةَ مع الاستغناء ـ ، فذات الوجود المعلول عين الحاجة ، أي إنّه
غيرُ مستقلٍّ في ذاته قائمٌ بعلّته التي هي المفيضة له.
ويتحصّل من ذلك أنّ وجودَ المعلول
بقياسه إلى علّته وجودٌ رابطٌ موجودٌ في غيره ، وبالنظر إلى ماهيّته التي يطرد
عنها العدمُ وجودٌ في نفسه جوهريٌّ أو عرضيٌّ على ما تقتضيه حال ماهيّته.