قد تقدّم [١] أنّ الماهية في حدّ ذاتها لا موجودة
ولا معدومة ، فهي متساوية النسبة إلى الوجود والعدم ، فهي في رجحان أحد الجانبَيْن
لها محتاجةٌ إلى غيرِها الخارجِ من ذاتها ، وأمّا ترجُّح أحد الجانبَيْن لا
لمرجِّح من ذاتها ولا من غيرها فالعقل الصريح يُحيله. وعرفت سابقاً [٢] أنّ القول بحاجتها في عدمها إلى غيرها
نوعٌ من التجوّز ، حقيقته أنّ ارتفاع الغير ـ الذي يحتاج إليه في وجودها ـ لا
ينفكّ عن ارتفاع وجودها ، لمكان توقّف وجودها على وجوده ، ومن المعلوم أنّ هذا
التوقّف على وجود الغير ، لأنّ المعدوم لا شيئيّةَ له. فهذا
الوجود المتوقَّف عليه نسمّيه «علّةً» ، والشيء الذي يتوقّف على العلّة «معلولا»
له [٣].