به السلب والإيجاب
من حيث الاضافة إلى مضمون القضيّة بعينه.
وقد ظهر أيضاً أنّ قولهم : «نقيض كلِّ
شيء رفعُهُ» [١]
، اُريد فيه بالرفع الطردُ الذاتيّ ، فالإيجاب والسلب يطّرد كلٌّ منهما بالذات ما
يقابله.
وأمّا تفسير من فَسَّر الرفع بالنفي
والسلب [٢]
فَصَرَّح بأنّ نقيضَ الإنسان هو اللاإنسان ، ونقيضَ اللاإنسان اللا لاإنسان ، وأمّا
الإنسان فهو لازم النقيض وليس بنقيض ، فلازُمُ تفسيرِهِ كونُ تقابُلِ التناقض من
جانب واحد دائماً ، وهو ضروريُّ البطلان.
ومن أحكام تقابُلِ التناقض أنّ تقابُلَ
النقيضَيْن إنّما يتحقّق في الذهن أو في اللفظ بنوع من المجاز ، لأنّ التقابل
نسبةٌ قائمةٌ بطرفَيْن ، وأحد الطرفَيْن في المتناقضَيْن هو العدم ، والعدم
اعتبارٌ عقليٌّ لا مصداقَ له في الخارج.
وهذا بخلاف تقابل العدم والملكة ، فإنّ
العدم فيه ـ كما سيأتي إن شاء الله [٣]
ـ عدم مضاف إلى أمر موجود ، فله حظٌّ من الوجود ، فالتقابل فيه قائم في الحقيقة
بطرفَيْن موجودَيْن.
ومن أحكام هذا التقابل إمتناع الواسطة
بين المتقابلَيْن به ، فلا يخلو شيءٌ من الأشياء عن صدق أحد النقيضَيْن ، فكلّ أمر
مفروض إمّا هو زيد مثلا أو ليس بزيد ، وإمّا هو أبيض أو ليس بأبيض ، وهكذا ، فكلّ
نقيضَيْن مفروضَيْن يعمّان جميع الأشياء.
ومن أحكام هذا التقابل أنّ النقيضين لا
يصدقان معاً ولا يكذبان معاً ، على سبيل القضيّة المنفصلة الحقيقيّة ـ كما تقدّمت
الإشارة إليه [٤]
ـ وهي قولنا : «إمّا أن يصدق الإيجاب أو يصدق السلب».
وهي قضيّةٌ بديهيّةٌ أوّليّةٌ يتوقّف
عليها صدقُ كلّ قضيّة مفروضة ، ضروريّةً كانت أو نظريّةً.
فليس يصدق قولنا : «الأربعة زوجٌ» ،
ص ١٩٢ : «وهو راجع
إلى القول والعقل» ثمّ فسّر القول بالوجود اللفظيّ والعقل بالوجود الذهنيّ ، فراجع.