في أنّ مفهوم الوحدة والكثرة بديهيٌّ غنيٌّ عن
التعريف
ينقسم الموجود إلى الواحد والكثير ، فكلُّ
موجود إمّا واحدٌ وإمّا كثيرٌ. والحقّ أنّ الوحدة والكثرة من المفاهيم العامّةِ
الضروريّةِ التصوّر المستغنيةِ عن التعريف كالوجوب والإمكان [١] ، ولذا كان ما عرّفوهما به من التعريف [٢] لا يخلو من دور ، وتعريفِ الشيء بنفسه
، كتعريف الواحد بـ «أنّه الذي لا ينقسم من الجهة التي يقال إنّه واحد» ، ففيه
أخْذُ الإنقسام الذي هو الكثرة في تعريف الواحد مضافاً إلى كونه تعريفاً للواحد
بالواحد. ثمّ تعريف الكثير بـ «أنّه المجتمَع من الوحدات» ، وفيه أخْذُ الوحدة في
تعريف الكثير وقد كانت الكثرة مأخوذةً في حدّ الواحد ، وهو الدور؛ مضافاً إلى كونه
تعريفاً للكثير بالمجتمَع وهو الكثير بعينه.
[١] صرّح بذلك كثيرٌ
من الحكماء والمتكلّمين. فراجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٨٣ ، والأسفار ج ٢ ص ٨٢ ـ
٨٣ ، وكشف المراد ص ١٠٠ ، والمطارحات ص ٣٠٨ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ١٣٦ ، وايضاح
المقاصد ص ٥٤.
[٢] كقول القائل : «الواحد
هو مبدأ العدد» ، راجع المطارحات ص ٢٤٦. وقد يقال : «الوحدة عدم الإنقسام إلى
اُمور متشابهة ، والكثرة هي الإنقسام إليها» ، راجع شرح المقاصد ج ١ ص ١٣٦.