وكيف كان ، فما تشتمل عليه هذه التعاريف
خواصٌ ثلاثةٌ للكمّ ، وهي العدّ والانقسام والمساواة.
الفصل التاسع
في انقسامات الكم
ينقسم الكم انقساماً أوّلياً إلى
المتّصل والمنفصل :
والمتّصل
هو : الكم الذي يمكن أن يفرض فيه أجزاء
تتلاقى على حدود مشتركة [١].
والحدّ المشترك هو : الذي يمكن أن يجعل
بدايةً لجزء ، كما يمكن أن يجعل نهايةً لآخر ، كالخطّ إذا فُرِضَ انقسامه إلى
ثلاثةً أجزاء ، فإنّ القسم المتوسّط يمكن أن يجعل بدايةً لكلٍّ من الجانبَيْن
ونهايةً له ، فيكون القسمان قسماً واحداً والخطّ ذا قسمَيْن.
وعُرِّف المتّصل ـ أيضاً ـ بما يقبل
الانقسام إلى غير النهاية [٢].
والمنفصل
خلاف المتّصل ، وهو : العدد [٣]
الحاصل مِنْ تكرُّرِ الواحد ، فإنّه
لذاتها المساواة
واللامساواة ـ أي التفاوت والتجزيّ واللاتجزّي ـ. وهذا قد يوردونه رسماً وإن كانت
المساواة لا تعرّف إلاّ بأنّه اتّفاق في الكميّة ، فعرّفوا الشيء بما يعرَّف
بالشيء». وأورده أيضاً فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٧٧ ، ثمّ
أجاب عنه وقال : «ويمكن أن يجاب عنه بأنّ المساواة واللامساواة ممّا يدرك بالحسّ ،
والكم لا يناله الحسّ ، بل انّما يناله مع المتكمّم تناولا واحداً ، ثمّ انّ العقل
يجتهد في تمييز أحد المفهومين عن الآخر ، فلهذا يمكن تعريف ذلك المعقول بهذا
المحسوس» ، إنتهى كلامه في المباحث المشرقيّه ج ١ ص ١٧٨.
[١] هكذا عرّفه
المشهور من الحكماء ، فراجع الأسفار ج ٤ ص ١٣ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٧٨ ، وشرح
المواقف ص ٢٠٥ ، والمطارحات ص ٢٣٥ ، وكشف المراد ص ٢٠٣ ، والفصل الرابع من المقالة
الثالثة من الفن الثاني من منطق الشفاء ، وغيرها من الكتب الفلسفية.
[٢] تعرّض له فخر
الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٧٨.
[٣] مثّلوا للكمّ
المنفصل بالعدد قطّ ، لأنّ الكم المنفصل منحصرٌ في العدد ، كما قال الشيخ