إنّا نجد في الأجسام اختلافاً من حيث
صدق مفاهيم عليها هي بيّنةُ الثبوت لها ممتنعةُ الانفكاك عنها ، فإنّا لا نقدر أن
نتصوّر جسماً دون أن نتصوّره مثلا عنصراً أو مركّباً معدنياً أو شجراً أو حيواناً
وهكذا ، وتلبُس الجسم بهذه المفاهيم على هذا النحو أمارةُ كونها من مقوّماته؛
ولمّا كان كلٌّ منها أخصّ من الجسم فهي مقوِّمة لجوهر ذاته ، فيحصل بانضمام كلٍّ
منها إليه نوعٌ منه ، ولا يقوّم الجوهرَ إلاّ جوهرٌ ، فهي صور جوهريّة منوِّعة [٢].
لا
يقال[٣]
: لا نسلّم أنّ الجوهر لا يقوّمه إلاّ جوهرٌ ، فكثيراً مّا يوجد الشيء
[١] هذا مذهب
الحكماء المشائين على ما نُقل عنهم في الأسفار ج ٥ ص ١٥٧. وخالَفَهم الشيخ
الإشراقيّ تبعاً للأقدمين ، حيث قال في المطارحات ص ٢٨٤ : «وأمّا الصورة فالقدماء
يرون أنّ كلّ ما ينطبع في شيء هو عرضٌ ، ويتأبون عن تسمية المنطبع في المحلّ
جوهراً». وقال في حكمة الإشراق ص ٨٨ : «والحق مع الأقدمين في هذه المسألة». وقال
صدر المتألّهين في شرحه للهداية الأثيريّة ص ٦٥ ـ بعد تحرير محلّ النزاع ـ : «فيه
خلافٌ بين أتباع المعلّم الأوّل من المشائين ومنهم الشيخ الرئيس ومَنْ في طبقته
وبين الأقدمين من اليونانيّين كهرمس وفيثاغورس وافلاطون وحكماء الفرس والرواقيين
ومَنْ تابعهم كصاحب حكمة الإشراق».
[٢] هذه ثانية الحجج
المنقولة في الأسفار ج ٥ ص ١٦٦.
[٣] هذا الإشكال
أورده الشيخ الإشراقي على حجّة اُخرى قريبة المأخذ من هذه الحجّة ،