الجواهر المادية ، ليس
بالكون والفساد وبطلان صورة وحدوث أخرى ، بل الصور المتبدلة موجودة بوجود واحد ، سيال
يتحرك الجوهر المادي فيه ، وكل واحد منها حد من حدود هذه الحركة الجوهرية ، فهي
موجودة متصلة واحدة بالخصوص ، وإن كانت وحدة مبهمة ، تناسب إبهام ذات المادة التي
هي قوة محضة ، وقولنا إن صورة ما واحدة بالعموم ، شريكة العلة للمادة ، إنما هو
باعتبار ما يطرأ عليها من الكثرة بالانقسام.
الفصل الثامن
النفس والعقل
موجودان
أما النفس ، وهي الجوهر المجرد من
المادة ذاتا ، المتعلق بها فعلا ، فلما نجد في النفوس الإنسانية من خاصة العلم وسيأتي
، في مرحلة العاقل والمعقول [١]
، أن الصور العلمية مجردة من المادة ، موجودة للعالم حاضرة عنده ، ولو لا تجرد
العالم ، بتنزهه عن القوة ومحوضته في الفعلية ، لم يكن معنى لحضور شيء عنده ، فالنفس
الإنسانية العاقلة مجردة من المادة ، وهي جوهر لكونها صورة لنوع جوهري ، وصورة
الجوهر جوهر على ما تقدم [٢].
وأما العقل فلما سيأتي [٣] ، أن النفس في مرتبة العقل الهيولاني ،
أمر بالقوة بالنسبة إلى الصور المعقولة لها ، فالذي يفيض عليها الفعلية فيها ، يمتنع
أن يكون نفسها وهي بالقوة ، ولا أي أمر مادي مفروض ، فمفيضها جوهر مجرد ، منزه عن
القوة والإمكان وهو العقل.
[١] في الفصل الأول
والثاني من المرحلة الحادي عشرة.