والمراد بكون وجود الشيء لغيره ، أن
يكون الوجود الذي له في نفسه ، وهو الذي يطرد عن ماهيته العدم ، هو بعينه يطرد
عدما عن شيء آخر ، لا عدم ذاته وماهيته ، وإلا كان لوجود واحد ماهيتان ، وهو كثرة
الواحد ، بل عدما زائدا على ذاته وماهيته ، له نوع مقارنة له ، كالعلم الذي يطرد
بوجوده العدم عن ماهيته الكيفية ، ويطرد به بعينه عن موضوعه الجهل ، الذي هو نوع
من العدم يقارنه ، وكالقدرة فإنها كما تطرد عن ماهية نفسها العدم ، تطرد بعينها عن
موضوعها العجز.
والدليل على تحقق هذا القسم وجودات
الأعراض ، فإن كلا منها كما يطرد عن ماهية نفسه العدم ، يطرد بعينه عن موضوعه نوعا
من العدم ، وكذلك الصور النوعية الجوهرية ، فإن لها نوع حصول لموادها ، تكملها وتطرد
عنها نقصا جوهريا ، وهذا النوع من الطرد هو المراد بكون ، الوجود لغيره وكونه
ناعتا.
ويقابله ما كان طاردا لعدم نفسه فحسب ، كالأنواع
التامة الجوهرية كالإنسان والفرس ، ويسمى هذا النوع من الوجود وجودا لنفسه ، فإذن
المطلوب ثابت وذلك ما أردناه.
وربما يقسم الوجود لذاته ، إلى الوجود
بذاته والوجود بغيره ، وهو بالحقيقة راجع إلى العلية والمعلولية ، وسيأتي [١] البحث عنهما.