قالوا إرادته تعالى علمه بالنظام الأصلح
، وبعبارة أخرى علمه بكون الفعل خيرا ، فهي وجه من وجوه علمه تعالى ، كما أن السمع
بمعنى العلم بالمسموعات ، والبصر بمعنى العلم بالمبصرات ، وجهان من وجوه علمه فهو
عين ذاته تعالى.
وقالوا الكلام فيما نتعارفه ، لفظ دال
على ما في الضمير كاشف عنه ، فهناك موجود اعتباري وهو اللفظ الموضوع ، يدل دلالة ،
وضعية اعتبارية على موجود آخر ، وهو الذي في الذهن ، ولو كان هناك موجود حقيقي ، دال
بالدلالة الطبعية على موجود آخر كذلك ، كالأثر الدال على مؤثره ، وصفة الكمال في
المعلول ، الكاشفة عن الكمال الأتم في علته ، كان أولى وأحق بأن يسمى كلاما لقوة
دلالته ، ولو كان هناك موجود ، أحدي الذات ذو صفات كمال في ذاته ، بحيث يكشف
بتفاصيل كماله ، وما يترتب عليه من الآثار عن وجوده الأحدي ، وهو الواجب تعالى ، كان
أولى وأحق باسم الكلام ، وهو متكلم لوجود ذاته لذاته.
أقول فيه إرجاع تحليلي ، لمعنيي الإرادة
والكلام ، إلى وجه من وجوه العلم والقدرة ، فلا ضرورة تدعو إلى إفرادهما عن العلم
والقدرة ، وما نسب إليه تعالى في الكتاب والسنة ، من الإرادة والكلام أريد به صفة
الفعل ، بالمعنى الذي سيأتي إن شاء الله.