لحقيقة ذلك الشيء
بنحو أعلى وأشرف ، فمعطي الشيء غير فاقد له ، فله سبحانه اتصاف ما بصفات الكمال ، كالعلم
والقدرة والحياة ، فلننظر في أقسام الصفات ونحو اتصافه بها فنقول ، تنقسم الصفة
إلى ثبوتية كالعالم والقادر ، وسلبية تفيد معنى سلبيا ، لكنك عرفت آنفا ، أنه لا
يجوز سلب كمال من الكمالات منه تعالى ، لكونه مبدأ كل كمال ، فصفاته السلبية ما دل
على سلب النقص والحاجة ، كمن ليس بجاهل ومن ليس بعاجز وما ليس بجوهر ، ولما كان
النقص والحاجة في معنى سلب الكمال ، كانت الصفة السلبية المفيدة لسلب النقص ، راجعة
إلى سلب سلب الكمال وهو إيجاب الكمال ، فمعنى ليس بجاهل سلب سلب العلم ، ومعناه
إيجاب العلم.
ثم الصفات الثبوتية تنقسم إلى حقيقية
كالعالم ، وإضافية كالقادرية والعالمية ، وتنقسم الحقيقية إلى حقيقية محضة كالحي ،
وحقيقية ذات إضافة كالعالم بالغير.
ولا ريب في زيادة الصفات الإضافية ، على
الذات المتعالية لأنها معان اعتبارية ، وجلت الذات أن تكون مصداقا لها ، والصفات
السلبية ترجع إلى الثبوتية الحقيقية ، فحكمها حكمها.
وأما الصفات الحقيقية ، أعم من الحقيقية
المحضة ، والحقيقية ذات الإضافة ففيها أقوال ، أحدها أنها عين الذات المتعالية ، وكل
منها عين الأخرى ، وثانيها أنها زائدة على الذات لازمة لها ، فهي قديمة بقدمها ، وثالثها
أنها زائدة على الذات حادثة ، ورابعها أن معنى اتصاف الذات بها ، كون الفعل الصادر
منها فعل من تلبس بها ، فمعنى كونها عالمة ، أنها تفعل فعل العالم في إتقانه وإحكامه
ودقة جهاته ، وهكذا فالذات نائبة مناب الصفات.