والمراد بالكلي ما لا يتغير بتغير
المعلوم بالعرض ، كصورة البناء التي يتصورها البناء ، في نفسه ليبنى عليها ، فالصورة
عنده على حالها قبل البناء ، ومع البناء وبعد البناء وإن خرب وانهدم ، ويسمى علم
ما قبل الكثرة ، والعلوم الحاصلة من طريق العلل ، كلية من هذا القبيل دائما ، كعلم
المنجم بأن القمر منخسف ، يوم كذا ساعة كذا إلى مدة كذا ، يعود فيه الوضع السماوي
، بحيث يوجب حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ، فعلمه ثابت على حاله قبل الخسوف ومعه
وبعده.
والمراد بالجزئي ما يتغير بتغير المعلوم
بالعرض ، كما إذا علمنا من طريق الإبصار بحركة زيد ، ثم إذا وقف عن الحركة ، تغيرت
الصورة العلمية من الحركة إلى السكون ، ويسمى علم ما بعد الكثرة.
فإن قلت التغير لا يكون إلا بقوة سابقة
، وحاملها المادة ولازمه كون العلوم الجزئية مادية لا مجردة.
قلنا العلم بالتغير غير تغير العلم ، والمتغير
ثابت في تغيره لا متغير ، وتعلق العلم به أعني حضوره عند العالم ، من حيث ثباته لا
تغيره وإلا لم يكن حاضرا ، فلم يكن العلم حضور شيء لشيء هذا خلف.