فحصول العلم للعالم من خواص العلم ، لكن
لا كل حصول كيف كان ، بل حصول أمر بالفعل فعلية محضة ، لا قوة فيه لشيء مطلقا ، فإنا
نشاهد بالوجدان ، أن المعلوم من حيث هو معلوم ، لا يقوى على شيء آخر ، ولا يقبل
التغير عما هو عليه ، فهو حصول أمر مجرد عن المادة خال من غواشي القوة ، ونسمي ذلك
حضورا.
فحضور المعلوم يستدعي كونه أمرا تاما في
فعليته ، من غير تعلق بالمادة والقوة ، يوجب نقصه وعدم تمامه ، من حيث كمالاته
التي بالقوة.
ومقتضى حضور المعلوم ، أن يكون العالم
الذي يحصل له العلم ، أمرا فعليا تام الفعلية ، غير ناقص من جهة التعلق بالقوة ، وهو
كون العالم مجردا عن المادة خاليا عن القوة.
فقد بان أن العلم حضور موجود ، مجرد
لموجود مجرد ، سواء كان الحاصل عين ما حصل له ، كما في علم الشيء بنفسه أو غيره بوجه
، كما في علم الشيء بالماهيات الخارجة عنه.
وتبين أيضا أولا أن المعلوم ، الذي هو
متعلق العلم ، يجب أن يكون أمرا مجردا عن المادة ، وسيجيء [١] معنى تعلق العلم بالأمور المادية.
وثانيا أن العالم الذي يقوم به العلم ، يجب
أن يكون مجردا عن المادة أيضا.
الفصل الثاني
ينقسم العلم
الحصولي إلى كلي وجزئي
والكلي ما لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين
، كالعلم بماهية الإنسان