قد تحصل مما تقدم ، أن الموجود ينقسم
إلى ما بالقوة وما بالفعل ، والأول هو المادة والماديات ، والثاني غيرهما وهو
المجرد ، ومما يعرض المجرد عروضا أوليا ، أن يكون علما وعالما ومعلوما ، لأن العلم
كما سيجيء بيانه ، حضور وجود مجرد لوجود مجرد ، فمن الحري أن نبحث عن ذلك في
الفلسفة الأولى ، وفيها اثنا عشر فصلا.
الفصل الأول
في تعريف
العلم وانقسامه الأولى
حصول العلم لنا ضروري ، وكذلك مفهومه
عندنا ، وإنما نريد في هذا الفصل ، معرفة ما هو أظهر خواصه ، لنميز بها مصاديقه وخصوصياتها.
فنقول قد تقدم في بحث الوجود الذهني ، أن
لنا علما بالأمور الخارجة عنا في الجملة ، بمعنى أنها تحصل لنا وتحضر عندنا
بماهياتها ، لا بوجوداتها الخارجية التي تترتب عليها الآثار ، فهذا قسم من العلم ،
ويسمى علما حصوليا.