للشيء كمال له ، والشيء
الذي يقصد بالحركة حالا من الأحوال ، كالجسم مثلا ، يقصد مكانا ليتمكن فيه فيسلك
إليه ، كان كل من السلوك والتمكن في المكان الذي يسلك إليه ، كمالا لذلك الجسم ، غير
أن السلوك كمال أول لتقدمه والتمكن كمال ثان ، فإذا شرع في السلوك فقد تحقق له
كمال لكن لا مطلقا ، بل من حيث إنه بعد بالقوة ، بالنسبة إلى كماله الثاني ، وهو
التمكن في المكان الذي يريده ، فالحركة كمال أول لما هو بالقوة ، بالنسبة إلى
الكمالين ، من حيث إنه بالقوة بالنسبة إلى الكمال الثاني.
وقد تبين بذلك ، أن الحركة تتوقف في
تحققها على أمور ستة ، المبدأ الذي منه الحركة ، والمنتهى الذي إليه الحركة ، والموضوع
الذي له الحركة وهو المتحرك ، والفاعل الذي يوجد الحركة وهو المحرك ، والمسافة
التي فيها الحركة ، والزمان الذي ينطبق عليه الحركة نوعا من الانطباق ، وسيجيء
توضيح ذلك.
الفصل الرابع
في انقسام
الحركة إلى توسطية وقطعية
تعتبر الحركة بمعنيين أحدهما ، كون
الجسم بين المبدإ والمنتهى ، بحيث كل حد فرض في الوسط ، فهو ليس قبله ولا بعده فيه
، وهو حالة بسيطة ثابتة لا انقسام فيها ، وتسمى الحركة التوسطية.
وثانيهما الحالة المذكورة ، من حيث لها
نسبة إلى حدود المسافة ، من حد تركها ومن حد لم يبلغها ، أي إلى قوة تبدلت فعلا ،
وإلى قوة باقية على حالها بعد ، يريد المتحرك أن يبدلها فعلا ، ولازمه الانقسام
إلى الأجزاء ، والانصرام والتقضي تدريجا ، كما أنه خروج من القوة إلى الفعل تدريجا
، وتسمى الحركة