يصفها بالوجود وهو
معنى العروض ، فليس الوجود عينا للماهية ولا جزءا لها.
والدليل عليه أن الوجود يصح سلبه عن
الماهية ، ولو كان عينا أو جزءا لها لم يصح ذلك ، لاستحالة سلب عين الشيء وجزئه
عنه.
وأيضا حمل الوجود على الماهية يحتاج إلى
دليل ، فليس عينا ولا جزءا لها لأن ذات الشيء ، وذاتياته بينة الثبوت له لا تحتاج
فيه إلى دليل.
وأيضا الماهية متساوية النسبة في نفسها
، إلى الوجود والعدم ، ولو كان الوجود عينا أو جزءا لها ، استحالت نسبتها إلى
العدم الذي هو نقيضه
الفصل الرابع
في أصالة
الوجود واعتبارية الماهية
إنا لا نرتاب في أن هناك أمورا واقعية ،
ذات آثار واقعية ليست بوهم الواهم ، ثم ننتزع من كل من هذه الأمور المشهودة لنا ، في
عين أنه واحد في الخارج مفهومين اثنين ، كل منهما غير الآخر مفهوما وإن اتحدا
مصداقا ، وهما الوجود والماهية ، كالإنسان الذي في الخارج ، المنتزع عنه أنه إنسان
وأنه موجود.
وقد اختلف الحكماء في الأصيل منهما ، فذهب
المشاءون ، إلى أصالة الوجود ، ونسب إلى الإشراقيين ، القول بأصالة الماهية ، وأما
القول بأصالتهما معا فلم يذهب إليه أحد منهم ، لاستلزام ذلك كون كل شيء شيئين
اثنين ، وهو خلاف الضرورة.
والحق ما ذهب إليه المشاءون ، من أصالة
الوجود.
والبرهان عليه أن الماهية من حيث هي
ليست إلا هي ، متساوية