و ربما تحصل آثار مختلفة
من مجرد أمزجة تتركب من عناصر مخصوصة و المطلع على الماهيات غير الباحث عن
الكيفيات و الكميات فلا بد إذا من إثبات شخص له اطلاع على الكواكب و على ما وراء
الكواكب حتى يكون الكل عنده كصورة واحدة فتقرر للخاصية منافع الأشياء و مضارها من
جهة الخواص و يحمل العامة على التسليم ذلك جملة و سيأتي تقرير ذلك.
و أما الجواب عن مقالة
التناسخية فطريق الرد عليهم أن نبطل مذهبهم في أصل التناسخ و إنكار البعث في
الآخرة فنقول أثبتم جزاء على كل فعل فهل تنتهي الأفعال عندكم إلى جزاء محض و هل
تبتدئ إلا جزية من فعل محض فإن قضيتم بالتسلسل فذلك دور محض فإنه إن لم يكن فعل
إلا جزاء و لا جزاء إلا على فعل فلم يكن فعل و جزاء أصلا فإنه يتوقف كون الجزاء
جزاء على سبق فعل و يتوقف كون الفعل فعلا على سبق جزاء فيكون كل واحد منهما متوقفا
على صاحبه فيكون حكمه حكم توقف المعلول على العلة و توقف العلة على المعلول و ذلك
محال فلا بد من ابتداء بفعل أولي ليس بجزاء و الانتهاء إلى جزاء آخر ليس بفعل و
ذلك تسليم المسألة.
ثم نقول ما الدرجة العليا
في الخير و ما الدرجة السفلى في الشر عندكم قالوا الدرجة العليا في الخير هي
الملكية و النبوة و الدرجة السفلى هي الشيطانية و الجنية.
فقيل لهم: لو قتل نبي حية
فما ثوابه و لا درجة في الثواب فوق النبوة و لو قتل جني نبيا فما عقابه و لا درجة
في العقاب تحت الجنية فيجب أن يعرى أشرف الطاعات عن الثواب و أكبر الكبائر عن
العقاب.
و مما يبطل التناسخ رأسا
إن كان مزاج استعد لقبول الصورة يلائمها من واهب الصور فإذا فاضت عليه الصورة
قارنتها صورة النفس المستحسنة لزم أن يكون لبدن واحد نفسان و ذلك محال.
و أما الجواب عن مقالة
البراهمة سيأتي على استيفاء في مسألة إثبات النبوات و الرد عليهم فيما يليق
بسؤالهم أن الذي يأتي به النبي معقول أو غير معقول.
نقول: ما يأتي به النبي
معقول في نفسه أي جنسه معقول و يمكن أن يدركه العقل و ليس كل ما هو معقول الجنس
يجب أن يعقله الإنسان، فإن العلم بخواص الأشياء و ماهيات الموجودات مما هو معقول
الجنس و ليس كل إنسان يدركه في الحال فبطل التلبيس الذي تعلقوا به.