كفرها، و انفرد عنها
بمخازي لم يسبق إليها: منها قوله باستحقاق الذم لا على ذنب، و ذلك انه زعم ان
القادر منا يجوز ان يخلو من الفعل و الترك[1]، و هو غير ممنوع.
و كان اصحابنا قد الزموا
المعتزلة التسوية بين الاوقات المحصورة بغير حصر و نهاية في تقدم الاستطاعة/ على
الفعل ان جاز تقدمها عليه وقتا واحدا و اوقاتا محصورة. فرأى ابو هاشم توجه الالزام
عليهم، فسوى بين الأمرين، و اجاز ان يبقى[2] المستطيع ابدا مع بقاء استطاعته و توفر آلاته، و ارتفاع الموانع عنه
خاليا من الفعل و الترك.- فقيل له: أ رأيت لو كان هذا القادر مأمورا منهيا، و لم
يفعل فعلا و لا تركا، ما ذا يكون حاله؟- فقال: يكون عاصيا، مستحقا للذم و العقاب،
لا على فعل، لانه لم يفعل ما امر به مع قدرته عليه و توفر آلاته و ارتفاع الموانع
منه.- فقيل له: كيف صار مستحقا للعقاب، بان لم يفعل ما امر به؟ و هلا استحق المدح
و الثواب بان لم يفعل ما نهي عنه؟-
و كانت المعتزلة قبله
يكفرون اهل السنة في قولهم ان اللّه عز و جل يعذب الكافر على كسبه الكفر الذي/ هو
من خلق اللّه تعالى. و زاد تكفيرهم لابي هاشم على قوله بان اللّه يعذب العاصي له
على فعل يكتسب، و لا محدث منه.
ثم انه مع هذه الجملة التي
قدرناها عليه قال: لو قدرنا ان هذا المكلف
الملقب بالصاحب. و قال
عنه ابن خلكان: نادرة الدهر، و اعجوبة العصر في فضائله و مكارمه و كرمه. اخذ الأدب
عن ابي الحسين احمد بن فارس اللغوي صاحب «كتاب المجمل في اللغة» و اخذ من ابي
الفضل بن العميد و غيرهما ... و هو أول من لقّب بالصاحب من الوزراء لانه كان يصحب
ابن العميد. و قال الصابي في «كتاب التيجان»: انه قيل له الصاحب لانه صحب مؤيد
الدولة بن بويه منذ الصبا و سماه الصاحب فاستمر عليه هذا اللقب و اشتهر به، ثم سمي
به كل من ولي الوزارة بعده ... و كان مولده لاربع عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة
326 ه في اصطخر، و يقال في الطالقان. و توفي في ليلة الجمعة الرابع و العشرين من
صفر سنة، 385 ه بالري. ثم نقل الى اصبهان، و دفن في قبة بمحلة تعرف بباب دزبة (ابن
خلكان، الترجمة رقم 93، و «يتيمة الدهر» للثعالبي 3/ 192- 290 بتحقيق محمد محيى
الدين عبد الحميد، و «معاهد التنصيص» 550 بولاق).
[1] جاء في طبعة
الكوثري ص 111: و الشرك. و في ط. عبد الحميد ص 186: و الترك كما هو في المخطوط
هنا.
[2] في المخطوط: و اجاز
ان ينفى المستطيع ابدا مع نفاء استطاعته اما في «الفرق» (انظر رقم
[1] هنا): و
اجاز ان يبقى المستطيع ... و هو اصح و اوضح.