نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 90
يجعل أحدهم رجله على
أضلاعه كهيئة الدّرج فيصعد إلى رأسه ثمّ ينزل على أضلاعه كذلك و هو مطرق إلى الأرض
لا ينطق و لا يرفع رأسه فقال له بعض أولاده الكبار: يا أبت أما ترى ما يصنع هذا بك
لو نهيته عن هذا، فقال: يا بنيّ إنّي رأيت ما لم تروا و علمت ما لم تعلموا إنّي
تحرّكت حركة واحدة فأهبطت من دار الكرامة إلى دار الهوان و من دار النعيم إلى دار
الشقاء فأخاف أن أتحرّك حركة أخرى فيصيبني ما لا أعلم.
و يروى أنّ اللّه تعالى
أوحى إلى داود عليه السّلام: تريد و أريد و إنّما يكون ما أريد فإن سلّمت لما أريد
كفيتك ما تريد، و إن لم تسلّم لما أريد أتعبتك فيما تريد.
ثمّ لا يكون إلّا ما
أريد. و قال عليه السّلام: «إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل بحكمته و جلاله الرّوح و
الفرح في الرّضا و اليقين و جعل الغمّ و الحزن في الشكّ و السّخط»[1].
(1) أقول: و أمّا الآثار
الّتي ذكرها أبو حامد في هذا المقام فلمّا لم يكن فيها مزيد فائدة تركنا ذكرها.
(بيان حقيقة الرّضا و
تصوّره فيما يخالف الهوى)
اعلم أنّ من قال: ليس
فيما يخالف الهوى و أنواع البلاء إلّا الصبر فأمّا الرّضا فلا يتصوّر فإنّما أتى
من ناحية إنكار المحبّة فأمّا إذا ثبت تصوّر الحبّ للَّه تعالى و استغراق الهمّ به
فلا يخفى أنّ الحبّ يورث الرّضا بأفعال الحبيب و يكون ذلك من وجهين أحدهما أن يبطل
الإحساس بالألم حتّى يجري عليه المؤلم و لا يحسّ به و تصيبه جراحة و هو لا يدرك
ألمها، و مثاله الرّجل المحارب فإنّه في حال غضبه أو حال خوفه قد تصيبه جراحة و هو
لا يحسّ بها فإذا رأى الدّم استدلّ به على الجراحة بل الّذي يعدو في شغل قريب قد
تصيبه شوكة في قدمه و لا يحسّ بألمه لشغل قلبه بل الّذي يحجم أو يحلق رأسه بحديدة
كآلة يتألّم به فإن كان مشغول القلب بمهمّ من مهمّاته فيفرغ المزيّن أو الحجّام و
هو لا يشعر به و كلّ ذلك لأنّ القلب إذا صار مستغرقا بأمر من الأمور مستوفى به لم
يدرك ما عداه، و كذا العاشق المستغرق الهمّ
[1] أخرجه الطبراني من
حديث ابن مسعود الا أنه قال: «جعل بقسطه». (المغني)
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 90