responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 80

غلب عليه حال الانس لم تكن شهوته إلّا في الانفراد و الخلوة، و ذلك لأنّ الانس باللّه يلازمه التوحّش من غير اللّه تعالى، بل كلّ ما يعوق عن الخلوة فيكون من أثقل الأشياء على القلب كما روي أنّ موسى عليه السّلام لمّا كلّمه ربّه مكث دهرا لا يسمع كلام أحد من الخلق إلّا أخذه الغشيان لأنّ الحبّ يوجب عذوبة كلام المحبوب و عذوبة ذكره فيخرج من القلب عذوبة ما سواه و لذلك قال بعض الحكماء في دعائه يا من آنسني بذكره و أوحشني من خلقه. و قال اللّه تعالى لداود عليه السّلام: كن بي مستأنسا و من سواي مستوحشا. و قال عبد الواحد بن زيد: مررت براهب فقلت له: يا راهب لقد أعجبتك الوحدة فقال: يا هذا لو ذقت حلاوة الوحدة لاستوحشت إليها من نفسك، الوحدة رأس العبادة، قلت: يا راهب ما أقلّ ما تجد في الخلوة؟ قال: الراحة من مداراة الناس و السلامة من شرّهم، قلت: يا راهب متى يذوق العبد حلاوة الانس باللّه عزّ و جلّ؟ قال: إذا صفا الودّ و خلصت المعاملة، قلت: و متى يصفو الودّ؟ قال:

إذا اجتمعت الهموم فصارت همّا واحدا في الطاعة. و قال بعض الحكماء عجبا للخلائق كيف أرادوا لك بدلا، عجبا للقلوب كيف استأنست بسواك عنك.

فإن قلت: فما علامة الانس باللّه؟ فاعلم أنّ علامته الخاصّة ضيق الصدر عن معاشرة الخلق و التبرّم بهم و استهتاره بعذوبة الذّكر فإن خالط فهو كمنفرد في جماعة و مجتمع في خلوة و غريب في حضر و حاضر في سفر و شاهد في غيبة و غائب في حضور و مخالط بالبدن متفرّد بالقلب المستغرق بعذوبة الذكر، قال عليّ عليه السّلام في وصفهم:

«هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدّنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى أولئك خلفاء اللّه في أرضه و الدّعاء إلى دينه» [1] فهذا معنى الانس باللّه و هذه علامته و هذه شواهده، و قد ذهب بعض المتكلّمين إلى إنكار الانس و الحبّ و الشوق لظنّه أنّ ذلك يدلّ على التشبيه و جهله بأنّ جمال المدركات بالبصائر أكمل لذّة من جمال المبصرات و لذّة معرفتها أغلب على ذوي القلوب، حتّى أنكر


[1] أورده الشريف الرضي في النهج قسم الحكم و المواعظ تحت رقم 147.

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست