نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 8
طوبى له ثمّ طوبى له و له
عند اللّه شفاعة يوم القيامة»[1] إلى هنا كلام الصادق عليه السّلام.
قال أبو حامد: و قد ورد
في حبّ اللّه من الأخبار و الآثار ما لا يدخل في حصر حاصر و ذلك أمر ظاهر و إنّما
الغموض في تحقيق معناه فلنشتغل به.
(بيان حقيقة المحبّة و
أسبابها) (و تحقيق معنى محبّة العبد للَّه تعالى)
اعلم أنّ المطلب من هذا
الفصل لا ينكشف إلّا بمعرفة حقيقة المحبّة في نفسها ثمّ معرفة شروطها و أسبابها،
ثمّ النظر بعد ذلك في تحقيق معناها في حقّ اللّه عزّ و جلّ، فأوّل ما ينبغي أن
يتحقّق أنّه لا يتصوّر محبّة إلّا بعد معرفة و إدراك إذ لا يحبّ الإنسان من لا
يعرفه و لذلك لم يتصوّر أن يتّصف بالحبّ جماد بل هو من خاصيّة الحيّ المدرك ثمّ
المدركات في أنفسها تنقسم إلى ما يوافق طبع المدرك و يلائمه و يلذّه و إلى ما
ينافيه و ينافره و يؤلمه و إلى ما لا يؤثّر فيه بايلام و إلذاذ فكلّ ما في إدراكه
لذّة و راحة فهو محبوب عند المدرك، و ما في إدراكه ألم فهو مبغوض عند المدرك، و ما
يخلو عن استعقاب ألم و لذّة فلا يوصف بكونه محبوبا و لا مكروها، فإذن كلّ لذيذ
محبوب عند المتلذّذ به، و معنى كونه محبوبا أنّ في الطبع ميلا إليه و معنى كونه
مبغوضا أنّ في الطبع نفرة عنه، فالحبّ عبارة عن ميل الطبع إلى الشيء الملذّ فان
تأكّد ذلك الميل و قوي سمّي عشقا، و البغض عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم المتعب
فإذا قوي سمّي مقتا فهذا أصل في معنى حقيقة الحبّ لا بدّ من معرفته.
الأصل الثاني أنّ الحبّ
لمّا كان تابعا للمعرفة و الإدراك انقسم لا محالة بحسب انقسام المدركات و الحواسّ
فلكلّ حاسّة إدراك لنوع من المدركات، و لكلّ واحدة منها لذّة في بعض المدركات، و
للطبع بسبب تلك اللّذّة ميل إليها فكانت محبوبات عند الطبع السليم فلذّة العين في
الإبصار و إدراك المبصرات الجميلة و الصور المليحة الحسنة، و لذّة الاذن في
النغمات الطيّبة الموزونة، و لذّة الشمّ في الرّوائح الطيّبة، و لذّة الذوق في
الطعوم، و لذّة اللّمس في اللّين و النعومة، و لمّا كانت هذه