نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 62
عنّي فامزجوها و سمحت
بانقطاع ثوابي عنها فإنّي حلفت بعزّتي و جلالي لا أبيح ثوابي لعبد دخل في طاعتي
للتجربة و التسويف. تواضع لمن تعلّمه و لا تطاول على المريدين فلو علم أهل محبّتي
منزلة المريدين عندي لكانوا لهم أرضا يمشون عليها، يا داود لأن تخرج مريدا من سكرة
هو فيها تستنقذه فأكتبك عندي جهبذا و من كتبته جهبذا لا يكون عليه وحشة و لا فاقة إلى
المخلوقين، يا داود تمسّك بكلامي و خذ من نفسك لنفسك و لا تؤمننّ منها فتحجب عن
محبّتي لا تؤيس عبادي من رحمتي أقطع شهوتك لي فإنّما أبحت الشهوات لضعفة خلقي، ما
بال الأقوياء أن ينالوا الشهوات فإنّها تنقص حلاوة مناجاتي و إنّما عقوبة الأقوياء
عندي في موضع التناول أدنى ما يصل إليهم أن أحجب قلوبهم عنّي فإنّي لم أرض الدّنيا
لحبيبي و نزهته عنها، يا داود لا تجعل بيني و بينك عالما يحجبك بسكره عن محبّتي
أولئك قطّاع الطريق على عبادي المريدين، استعن على ترك الشهوات بإدمان الصوم و
إيّاك و التجربة في الإفطار فإنّي يعجبني من الصوم إدمانه، يا داود تحبّب إليّ
بمعاداة نفسك بمنعها الشهوات أنظر إليك و ترى الحجب بيني و بينك مرفوعة إنّما
أداريك مداراة لتقوى على ثوابي إذا مننت به عليك و إنّي اخفيه عنك و أنت متمسّك
بطاعتي. و أوحى اللّه إلى داود يا داود لو يعلم المدبرون عنّي كيف انتظاري لهم و
رفقي بهم و شوقي إلى ترك معاصيهم لماتوا شوقا إليّ و تقطّعت أوصالهم من محبّتي، يا
داود هذه إرادتي في المدبرين عنّي فكيف إرادتي في المقبلين عليّ، يا داود أحوج ما
يكون العبد إليّ إذا استغنى عنّي و أرحم ما أكون بعبدي إذا أدبر عنّي و أجلّ ما
يكون عبدي إذا رجع إليّ. فهذه الأخبار و نظائرها ممّا لا يحصى تدلّ على إثبات
المحبّة و الشوق و الانس و أمّا تحقيق معناها فينكشف بما سبق.
(1) أقول: و في مصباح
الشريعة عن الصادق عليه السّلام قال: «المشتاق لا يشتهي طعاما و لا يلتذّ شرابا و
لا يستطيب رقادا و لا يأنس حميما و لا يأوي دارا و لا يسكن عمرانا و لا يلبس لينا
و لا يقرّ قرارا، و يعبد اللّه ليلا و نهارا راجيا بأن يصل إلى ما يشتاق إليه و
يناجيه بلسان شوقه معبّرا عمّا في سريرته كما أخبر اللّه عن موسى بن عمران عليه
السّلام
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 62