نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 55
و كلّها شواهد قاطعة و
لا يحسّ بشهادتها لطول الانس بها، و لو فرض أكمه بلغ عاقلا ثمّ انقشعت غشاوة عن
عينه فامتدّ بصره إلى السماء و الأرض و الأشجار و النبات و الحيوان دفعة واحدة على
سبيل الفجأة يخاف على عقله أن ينبهر لعظم تعجّبه من مشاهدة هذه العجائب على خالقها
فهذا و أمثاله من الأسباب مع الانهماك في الشهوات هي الّتي سدّت على الخلق سبيل
الاستضاءة بأنوار المعرفة و السباحة في بحارها الواسعة، فالناس في طلبهم معرفة
اللّه تعالى كالمدهوش الّذي يضرب به المثل إذ كان راكبا لحماره و هو يطلب حماره و
الجليّات إذا صارت مطلوبة صارت معتاصة[1]فهذا سرّ هذا الأمر فليتحقّق و لذلك
قيل:
فقد ظهرت فلا تخفى على أحد
إلّا على أكمه لا يعرف القمرا
لكن بطنت بما أظهرت محتجبا
و كيف يعرف من بالعرف قد سترا
(بيان معنى الشوق إلى
اللّه عزّ و جلّ)
اعلم أنّ من أنكر حقيقة
المحبّة للَّه تعالى فلا بدّ و أن ينكر حقيقة الشوق إذ لا يتصوّر الشوق إلّا إلى
محبوب و نحن نثبت وجود الشوق إلى اللّه تعالى و كون العارف مضطرّا إليه بطريق
الاعتبار و النظر بأنوار البصائر و بطريق الأخبار و الآثار أمّا الاعتبار فيكفي في
إثباته ما سبق في إثبات الحبّ و كلّ محبوب فهو مشتاق إليه في غيبته فإنّ الحاصل
الحاضر فلا يشتاق إليه، فإنّ الشوق طلب و تشوّف إلى نيل أمر، و الموجود لا يطلب و
لكن بيانه أنّ الشوق لا يتصوّر إلّا إلى شيء أدرك من وجه و لم يدرك من وجه فأمّا
ما لا يدرك أصلا فلا يشتاق إليه، فمن لم ير شخصا و لم يسمع وصفه لا يتصوّر أن
يشتاق إليه و ما أدرك بكماله لا يشتاق إليه، و كمال الإدراك بالرّؤية فمن كان في
مشاهدة محبوبه مداوما للنظر إليه لا يتصوّر أن يكون له شوق، و لكن الشوق إنّما
يتعلّق بما أدرك من وجه و لم يدرك من وجه و هو من وجهين: الأوّل هو أن يتّضح
الشيء اتّضاحا ما و لكنّه يحتاج إلى استكمال و لا ينكشف إلّا بمثال من المشاهدات
فمن غاب عنه معشوقه و بقي في قلبه
[1] اعتاص يعتاص
اعتياصا الامر عليه اشتد و امتنع و التاث عليه فلم يهتد إلى وجه الصواب.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 55