نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 50
فاعتبر بهذه اللّمعة
اليسيرة من محقّرات الحيوانات و دع عنك عجائب ملكوت الأرض و السماوات فإنّ القدر
الّذي بلغه فهمنا القاصر منه تنقضي الأعمار دون إيضاحه و لا نسبة لما أحاط به
علمنا إلى ما أحاط به علم العلماء و الأنبياء و لا نسبة لما أحاط به علم الخلائق
كلّهم إلى ما استأثر اللّه عزّ و جلّ بعلمه بل كلّ ما عرفه الخلق لا يستحقّ أن
يسمّى علما في جنب علم اللّه تعالى، فبالنظر في هذا و أمثاله تزداد المعرفة
الحاصلة بأسهل الطريقين و بزيادة المعرفة يزداد المحبّة فإن كنت طالبا سعادة لقاء
اللّه تعالى فانبذ الدّنيا وراء ظهرك و استغرق العمر في الفكر الدّائم و الذّكر
اللّازم فعساك تحظى منها بقدر يسير و لكن تنال بذلك القدر اليسير ملكا عظيما لا
آخر له.
(بيان السبب في تفاوت
النّاس في الحبّ)
اعلم أنّ المؤمنين
مشتركون في أصل المحبّة لاشتراكهم في أصل الإيمان و لكنّهم متفاوتون لتفاوتهم في
المعرفة و في حبّ الدّنيا إذ الأشياء إنّما تتفاوت بتفاوت أسبابها و أكثر الناس
ليس لهم من معرفة اللّه إلّا الصفات و الأسماء الّتي قرعت أسماعهم فتلقّنوها و
حفظوها و ربّما تخيّلوا لها معاني يتعالى عنها ربّ الأرباب و ربّما لم يطّلعوا على
حقيقتها و لا تخيّلوا لها معنى فاسدا بل آمنوا بها إيمان تسليم و تصديق و اشتغلوا
بالعمل و تركوا البحث و هؤلاء هم أهل السلامة من أصحاب اليمين و المتخيّلون هم
الضالّون و العارفون بالحقائق هم المقرّبون و قد ذكر اللّه عزّ و جلّ حال الأصناف
الثلاثة في قوله: «فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَ
رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ- الآيات»[1] و إذا كنت لا تفهم الأمور إلّا
بالأمثلة فلنضرب لتفاوت الحبّ مثالا فنقول: أصحاب إمام مثلا يشتركون في حبّ ذلك
الإمام، العلماء منهم و العوام لأنّهم يشتركون في معرفة فضله و دينه و حسن سيرته و
محامد خصاله و لكنّ العامّيّ يعرف علمه مجملا و الفقيه يعرفه مفصّلا فيكون معرفة
الفقيه به أتمّ و إعجابه به و حبّه له أشدّ فمن رأى تصنيف مصنّف فاستحسنه و عرف به
فضله أحبّه لا محالة و مال إليه قلبه، فإن رأى تصنيفا آخر أحسن منه و أعجب تضاعف
لا محالة حبّه و