responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 49

الحال و الآدمي يبقى في النار أبد الآباد أو مدّة مديدة و لذلك كان ينادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الناس و يقول: «إنّكم تتهافتون على النار تهافت الفراش و أنا آخذ بحجزكم» [1] فهذه لمعة عجيبة من عجائب صنع اللّه عزّ و جلّ في أصغر الحيوانات و فيها من العجائب ما لو اجتمع الأوّلون و الآخرون على الإحاطة بكنهه عجزوا عن حقيقته و لم يطّلعوا على أمور جليّة من ظاهر صورته فأمّا خفايا معانيه فلا يطّلع عليه إلّا اللّه تعالى، ثمّ في كلّ حيوان و نبات أعجوبة و عجائب تخصّها لا يشاركها غيرها فانظر إلى النحل و عجائبه فكيف أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه حتّى اتّخذت من الجبال بيوتا و من الشجر و ممّا يعرشون، و كيف استخرج من لعابها الشمع و العسل و جعل أحدهما ضياء و الآخر شفاء، ثمّ لو تأمّلت عجائب أمرها في تناولها الأزهار و الأنوار و احترازها عن النجاسات و الأقذار و طاعتها لواحد من جملتهم هو أكبرهم شخصا و هو أميرهم ثمّ ما سخّر اللّه له أميرهم من العدل و الإنصاف بينهم حتّى أنّه ليقتل على باب المنفذ كلّ ما وقع منها على نجاسة لقضيت منها عجبا آخر العجب إن كنت بصيرا في نفسك و فارغا من مهمّ بطنك و فرجك و شهوات نفسك و معاداة أقرانك و موالاة إخوانك، ثمّ دع عنك جميع ذلك و انظر إلى بنائها بيوتها من الشمع و اختيارها من جملة الأشكال الشكل المسدّس فلا تبني بيتها مستديرا و لا مربّعا و لا مخمّسا بل مسدّسا لخاصيّة في الشكل المسدّس يقصر فهم المهندسين عن دركها و هو أنّ أوسع الأشكال و أحواها المستدير و ما يقرب منه فإنّ المربع يخرج منها زوايا ضائعة و شكل النحل مستدير مستطيل فترك المربّع حتّى لا يضيع الزّوايا فتبقى فارغة، ثمّ لو بناها مستديرة لبقيت خارج البيوت فرج ضائعة فإنّ الأشكال المستديرة إذا اجتمعت لم تجتمع متراصّة و لا شكل في الأشكال ذوات الزّوايا يقرب في الاحتواء من المستدير ثمّ تتراصّ الجملة منه بحيث لا يبقى بعد اجتماعها فرجة إلّا المسدّس فهذه خاصيّة هذا الشكل، فانظر كيف ألهم اللّه عزّ و جلّ النحل على صغر جرمه و لطافة قدّه لطفا به و عناية بوجوده و ما هو محتاج إليه ليتهنّأ عيشه، فسبحانه ما أعظم شأنه و أوسع لطفه و امتنانه،


[1] متفق عليه في الصحيحين باختلاف في اللفظ من حديث أبي هريرة و جابر و قد تقدم.

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست