نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 368
و لا تموتون أبدا و
تقيمون فلا تظعنون أبدا، و تصحّون فلا تمرضون أبدا»[1].
و قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: «آتي يوم القيامة باب الجنّة فأستفتح فيقول الخازن من
أنت؟ فأقول محمّد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك[1]».
ثمّ تأمّل الآن في غرف
الجنة و اختلاف درجات العلوّ فيها،
فإنّ الآخرة أكبر درجات
و أكبر تفصيلا، و كما أنّ بين النّاس في الطّاعات الظاهرة و الأخلاق الباطنة
المحمودة تفاوتا ظاهرا فكذلك فيما يجازون به تفاوت ظاهر، فإن كنت تطلب أعلى
الدّرجات فاجتهد أن لا يسبقك أحد بطاعة اللّه تعالى فقد أمرك اللّه بالمسابقة و
المسارعة و المنافسة فيها فقال: «سابِقُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ[2]»
و قال: «سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ[3]»
و قال: «وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ[4]»
و العجب أنّه لو تقدّم عليك أقرانك أو جيرانك بزيادة درهم أو بعلوّ بناء ثقل ذلك
عليك و ضاق به ذرعك و تنغّص بسبب الحسد عيشك، و أحسن أحوالك أن تستقرّ في الجنّة و
أنت لا تسلم فيها من أقوام يسبقونك بلطائف لا توازيها الدّنيا بحذافيرها فقد قال
أبو سعيد الخدريّ: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّ أهل الجنّة
ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الغابر في الأفق من المشرق أو
المغرب لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول اللّه تلك منازل الأنبياء لا يبلغها
غيرهم؟ قال: بلى و الّذي نفسي بيده رجال آمنوا باللّه و صدّقوا المرسلين[5]» و قال أيضا: «إنّ أهل الدّرجات
العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النّجم الطالع في أفق من آفاق السّماء[6]».
[1] أخرجه ابن المبارك
في الزهد و عبد الرزاق و ابن أبي شيبة و ابن راهويه و عبد بن حميد و ابن أبي
الدنيا في صفة الجنة و البيهقي في البعث و الضياء المقدسي في المختارة كما في الدر
المنثور ج 5 ص 343. و فيه قوله: «فلم يتغير أشعارهم» «فلن تغير أبشارهم».