نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 313
فلا حكم لظاهر الصّلاح
دون التقوى الباطن، قال اللّه تعالى: «إِنَّما يَتَقَبَّلُ
اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[1]» فلا يمكن معرفة حكم زيد و عمرو إلّا بمشاهدته و مشاهدة ما يجري
عليه، و إذا مات فقد تحوّل من عالم الملك و الشهادة إلى عالم الغيب و الملكوت فلا
يرى بالعين الظاهرة و إنّما يرى بعين أخرى خلقت تلك العين في قلب كلّ إنسان و لكن
الإنسان جعل عليها غشاوة كثيفة من شهواته و أشغاله الدّنياويّة فصار لا يبصر بها و
لا يتصوّر أن يبصر بها شيئا من عالم الملكوت ما لم تنقشع تلك الغشاوة عن عين قلبه
و لمّا كانت الغشاوة منقشعة عن أعين الأنبياء عليهم السّلام فلا جرم نظروا إلى
عالم الملكوت و شاهدوا عجائبه و الموتى في عالم الملكوت فشاهدوهم و أخبروا عنهم و
لذلك رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ضغطة القبر في حقّ سعد بن معاذ
و في حقّ زينب ابنته[2]
و كذلك حال أبي جابر لمّا استشهد إذ أخبر أنّ اللّه أقعده بين يديه ليس بينهما ستر
و مثل هذه المشاهدة لا مطمع فيها لغير الأنبياء و الأولياء الّذين تقرب درجتهم
منهم و إنّما الممكن من أمثالنا مشاهدة أخرى ضعيفة إلّا أنّها أيضا مشاهدة نبويّة
و أعني بها المشاهدة في المنام و هو أنوار النبوّة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم:
«الرّؤيا الصالحة جزء
من ستّة و أربعين جزءا من النبوّة[3]» و هو أيضا انكشاف لا يحصل إلّا بانقشاع الغشاوة عن القلب فلذلك
لا يوثق إلّا برؤيا الرّجل الصّالح الصادق و من كثر كذبه لم تصدق رؤياه و من كثر
فساده و معاصيه أظلم قلبه فكان ما يراه أضغاث أحلام و لذلك أمر رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم بالطهارة عند النوم لينام طاهرا و هو إشارة إلى طهارة
الباطن أيضا فهو الأصل و طهارة الظاهر بمنزلة التتمّة و التكملة لها و مهما صفا
الباطن انكشف في حدقة القلب ما سيكون في المستقبل كما انكشف دخول مكّة لرسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في النوم حتّى نزل قوله تعالى:
«لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ[4]» و قلّ ما يخلو الإنسان عن منامات دلّت على