نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 284
ثمّ يعود إلى الماخور و
يشتغل بالفسق. و الثاني أنّه كان أبدا لا يخلو بيته عن يتيم أو يتيمين و كان
إحسانه إليهم أكثر من إحسانه إلى أولاده و كان شديد التفقّد لهم.
و الثالث أنّه كان يفيق
في أثناء سكره في ظلام اللّيل فيبكي و يقول: يا ربّ أيّ زاوية من زوايا جهنّم تريد
أن تملأها بهذا الخبيث و يعني به نفسه فانصرف الزّاهد و ارتفع إشكاله في أمره.
(بيان أحوال القبر و
أقاويلهم على القبور)
قال الضحاك: قال رجل يا
رسول اللّه: «من أزهد الناس؟ قال: من لم ينس القبر و البلى، و ترك فضل زينة
الدّنيا، و آثر ما يبقى على ما يفنى، و لم يعد غدا من أيّامه، و عدّ نفسه من أهل
القبور[1]».
و قيل لعليّ عليه
السّلام: ما شأنك جاورت المقبرة قال: «إنّي أجدهم خير جيران إنّي لأجدهم جيران صدق
يكفّون الألسنة و يذكرون الآخرة».
و قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: «ما رأيت منظرا إلّا و القبر أفظع منه[2]».
و قال أبو ذرّ: أ لا
أخبركم بيوم فقري يوم أوضع في قبري[3].
و كان أبو الدّرداء يقعد
إلى القبور و قيل له في ذلك، قال: أجلس إلى قوم يذكّرونّي معادي، و إن قمت لم
يغتابوني[4]».
و قال أبان بن أبي عيّاش
التيمي: حضر الحسن مع أصحابه في جنازة النّواء بنت أعين بن صبيعة امرأة الفرزدق
للرّغبة في الخير أو رهبة من لسان الفرزدق فلمّا صلّوا عليها أتوا بها فجلس الحسن
ناحية و أصحابه و الفرزدق ناحية و أصحابه، فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد يزعم
الناس أنّه حضر في هذه الجنازة خير الناس و شرّ النّاس، فقال الحسن: و من يعنون به
يا أبا فراس؟ قال الفرزدق: يعنون أنّي شرّ الناس و أنّك خير النّاس فقال الحسن:
كلاّ ما أنا بخير الناس و لا أنت بشرّ
[1] رواه ابن أبي
الدنيا في القبور مرسلا كما في الترغيب و الترهيب ج 4 ص 158.
[2] أخرجه ابن ماجه تحت
رقم 4267 من حديث عثمان بن عفان.