نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 246
و قال عليه السّلام: «أ
كلّكم يحبّ أن يدخل الجنّة؟ قالوا: نعم يا رسول اللّه قال:
قصّروا من الأمل و
اجعلوا آجالكم بين أبصاركم و استحيوا من اللّه حقّ الحياء[1]».
و كان عليه السّلام يقول
في دعائه: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة، و أعوذ بك من حياة تمنع
خير الممات، و أعوذ بك من أمل يمنع خير العمل[2]».
و قال سلمان الفارسي:
«ثلاث أعجبتني حتّى أضحكتني مؤمّل الدّنيا و الموت يطلبه، و غافل و ليس بمغفول
عنه، و ضاحك ملء فيه لا يدري أ ساخط ربّ العالمين عليه أم راض عنه، و ثلاث
أحزنتني حتّى أبكتني فراق الأحبّة محمّد و حزبه و هول المطّلع و الوقوف بين يدي
ربّي لا أدري إلى الجنّة يؤمر بي أو إلى النّار».
و قال بعضهم: رأيت زرارة
بن أبي أوفى في المنام بعد موته فقلت: أيّ الأعمال أبلغ عندكم؟ قال: التوكّل و قصر
الأمل.
(بيان السبب في طول
الأمل و علاجه)
اعلم أنّ طول الأمل له
سببان أحدهما الجهل و الآخر حبّ الدّنيا أمّا حبّ الدّنيا فهو أنّه إذا أنس بها و
بشهواتها و لذّاتها و علائقها ثقلت على قلبه مفارقتها فامتنع قلبه من الفكر في
الموت الّذي هو سبب مفارقتها و كلّ من كره شيئا دفعه عن نفسه و الإنسان مشغوف
بالأماني الباطنة فيمنّي نفسه أبدا بما يوافق مراده و إنّما يوافق مراده البقاء في
الدّنيا فلا يزال يتوهّمه و يقرّره في نفسه و يقدّر توابع البقاء و ما يحتاج إليه
من مال و أهل و دار و أصدقاء و دوابّ و سائر أسباب الدّنيا فيصير قلبه عاكفا على
هذا الفكر موقوفا عليه فيلهو عن ذكر الموت و لا يقدّر قربه فإن خطر له في بعض
الأحوال أمر الموت و الحاجة إلى الاستعداد له سوّف و وعد نفسه و قال: الأيّام بين
يديك فإلى أن تكبر ثمّ تتوب، و إذا كبر فيقول: إلى أن تصير
[1] أخرجه ابن أبي
الدنيا في قصر الأمل من حديث الحسن مرسلا (المغني)