نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 244
و مفاصله، و أنّه كيف
كان ينطق و قد أكل الدّود لسانه، و كيف يضحك و قد أكل التراب أسنانه، و كيف كان
يدبّر لنفسه ما لا يحتاج إليه إلى عشر سنين في وقت لم يكن بينه و بين الموت إلّا
شهر و هو غافل عمّا يراد به حتّى جاءه الموت في وقت لم يحتسبه فانكشف له صورة
الملك و قرع سمعه النّداء إمّا بالجنّة أو بالنّار فعند ذلك ينظر في نفسه أنّه
مثلهم و غفلته كغفلتهم و ستكون عاقبته كعاقبتهم. قال أبو الدّرداء:
إذا ذكرت الموتى فعدّ
نفسك كأحدهم. و قال ابن مسعود: السعيد من وعظ بغيره.
و قال عمر بن عبد
العزيز: أ لا ترون أنّكم تجهزون كلّ يوم غاديا أو رائحا إلى اللّه عزّ و جلّ
تضعونه في صدع الأرض قد توسّد التراب و خلّف الأحباب و قطع الأسباب.
فملازمة هذه الأفكار و
أمثالها مع دخول المقابر و مشاهدة المرضى هو الّذي يجدّد ذكر الموت في القلب حتّى
يغلب عليه بحيث يصير الموت نصب عينيه فعند ذلك يوشك أن يستعدّ له و يتجافى عن دار
الغرور و إلّا فالذكر بظاهر القلب و عذبة اللّسان قليل الجدوى في التحذير و
التنبيه و مهما طاب قلبه بشيء من الدّنيا فينبغي أن يتذكّر في الحال أنّه لا بدّ
من مفارقته.
نظر ابن مطيع يوما إلى
داره فأعجبه حسنها ثمّ بكى و قال: و اللّه لو لا الموت لكنت بك مسرورا، و لو لا ما
نصير إليه من ضيق القبور لقرّت بالدّنيا أعيننا، ثمّ بكى بكاء شديدا حتّى ارتفع
صوته.
(الباب الثاني في طول
الأمل) (و فضيلة قصر الأمل و سبب طوله و كيفيّة معالجته)
فضيلة قصر الأمل:
قال النبيّ صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم لعبد اللّه بن عمر: «إذا أصبحت فلا تحدّث نفسك بالمساء، و إذا
أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصباح و خذ من دنياك لآخرتك و من حياتك لموتك و من صحّتك
لسقمك فإنّك يا عبد اللّه لا تدري ما اسمك غدا[1]» و روى عليّ عليه السّلام أنّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إنّ أشدّ ما أخاف عليكم خصلتان اتّباع الهوى
[1] أي حي أو ميت. و
أخرجه ابن حبان و رواه البخاري في آخر حديث «كن في الدنيا كأنك غريب» من قول ابن
عمر (المغني).
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 244