نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 239
فيفي بتمام التوبة و
ربّما يكره الموت خيفة من أن يختطفه قبل تمام التّوبة و قبل إصلاح الزّاد و هو
معذور في كراهة الموت و لا يدخل هذا تحت قوله عليه السّلام: «من كره لقاء اللّه
كره اللّه لقاءه[1]» فإنّ هذا ليس يكره الموت و لقاء
اللّه و إنّما يخاف فوت لقاء اللّه لقصوره و تقصيره، و هو كالّذي يتأخّر عن لقاء
الحبيب مشتغلا بالاستعداد للقائه على وجه يرضاه فلا يعدّ كارها للقائه و علامة هذا
أن يكون دائم الاستعداد له لا شغل له سواه و إلّا التحق بالمنهمك في الدّنيا، و
أمّا العارف فإنّه يذكر الموت دائما لأنّه موعد للقائه لحبيبه و المحبّ لا ينسي
قطّ موعد لقاء الحبيب، و هذا في غالب الأمر يستبطئ مجيء الموت و يحبّ مجيئه
ليتخلّص من دار العاصين و ينتقل إلى جوار ربّ العالمين كما روي عن حذيفة- رضي
اللّه عنه- أنّه لمّا حضرته الوفاة قال: حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم،
اللّهمّ إن كنت تعلم أنّ الفقر أحبّ إليّ من الغنى و السقم أحبّ إليّ من الصحّة و
الموت أحبّ إليّ من الحياة فسهّل عليّ الموت حتّى ألقاك فإذن التّائب معذور في
كراهة الموت و هذا معذور في حبّ الموت و تمنّيه و أعلى رتبة منهما من يفوّض أمره
إلى اللّه فصار لا يختار لنفسه موتا و لا حياة بل يكون أحبّ الأشياء إليه أحبّها
إلى مولاه فهذا قد انتهى بفرط الحبّ و الولاء إلى درجة التّسليم و الرّضا و هو
الغاية و المنتهى و على كلّ حال ففي ذكر الموت ثواب و فضل، فإنّ المنهمك في الدّنيا
أيضا يستفيد بذكر الموت التّجافي عن الدّنيا إذ يتنغّص عليه نعيمه و يتكدّر عليه
صفو لذّته و كلّ ما يكدر على الإنسان اللّذّات و الشهوات فهو من أسباب النّجاة.
(بيان فضل ذكر الموت
كيف ما كان)
[الأخبار]
قال النبيّ عليه
السّلام: «أكثروا ذكرها ذم اللّذات الموت[1]» أي نغّصوا به اللّذات
[1] أخرجه ابن ماجه تحت
رقم 4258. و النسائي و الترمذي أيضا و قال السيوطي «هاذم» بالذال المعجمة أي
قاطعها، و يحتمل أن يكون بالدال المهملة و المراد على التقديرين الموت.
[1] أخرجه البخاري 8 ص
132 من حديث عبادة بن صامت و مسلم ج 8 ص 65 من حديث عائشة.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 239