نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 225
و هدايته و عجائب صنعته
لفاطره الحكيم و خالقه القادر العليم، فالبصير يرى في هذا الحيوان الصغير من عظمة
الخالق المدبّر و جلاله و كمال قدرته و حكمته ما تتحيّر فيه الألباب و العقول فضلا
عن سائر الحيوانات، و هذا الباب أيضا لا حصر له فإنّ الحيوانات و أشكالها و
أخلاقها و طباعها غير محصورة و إنّما سقط تعجّب القلوب منها لانسها بكثرة
المشاهدة، نعم إذا رأى حيوانا غريبا و لو دودا تجدّد تعجّبه و قال:
سبحان اللّه ما أعجبه و
الإنسان أعجب الحيوانات و ليس يتعجّب من نفسه بل لو نظر إلى الأنعام الّتي ألفها و
نظر إلى أشكالها و صورها، ثمّ إلى منافعها و فوائدها من جلودها و أصوافها و أوبارها
و أشعارها الّتي جعلها اللّه لباسا لخلقه و أكنانا لهم في ظعنهم و إقامتهم و آنية
لأشربتهم و أوعية لأغذيتهم و صونا لأقدامهم، و جعل ألبانها و لحومها أغذية لهم،
ثمّ جعل بعضها زينة للركوب و بعضها حاملة للأثقال قاطعة للبراري و المفازات لأكثر
الناظر التعجّب من حكمة خالقها و مصوّرها فإنّه ما خلقها إلّا بعلم محيط بجميع
منافعها سابق على خلقه إيّاها فسبحان من الأمور مكشوفة في علمه من غير تفكّر و من
غير تأمّل و تدبّر و من غير استعانة بوزير أو مشير فهو العليم الخبير الحكيم
القدير و لقد استخرج بأقلّ القليل ممّا خلقه صدق الشهادة من قلوب العارفين بتوحيده
فما للخلق إلّا الإذعان لقهره و قدرته و الاعتراف بربوبيّته و الإقرار بالعجز عن
معرفة جلاله و عظمته فمن الّذي يحصي ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه و إنّما
غاية معرفتنا الاعتراف بالعجز عن معرفته، فنسأل اللّه عزّ و جلّ أن يكرمنا بهدايته
بمنّه و رأفته.
و من آياته البحار
العميقة المكتنفة لأقطار الأرض
الّتي هي قطع من البحر
الأخضر المحيط بجميع الأرض حتّى أنّ جميع المكشوف من البوادي و الجبال بالإضافة
إلى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم و بقية الأرض مستورة بالماء قال النبي صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: «الأرض في البحر كالاصطبل في الأرض[1]» فانسب اصطبلا إلى جميع الأرض، و
اعلم أنّ الأرض بالإضافة إلى البحر مثله و قد شاهدت عجائب-