نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 221
و عجائب الآفاق و الأنفس
إذ بها يدخل العبد في زمرة الملائكة المقرّبين و يحشر في زمرة النبيّين و
الصّدّيقين مقرّبا من حضرة ربّ العالمين، و ليست هذه الرّتبة للبهائم و لا للإنسان
إذا رضي من الدّنيا بشهوات البهائم فإنّه شرّ من البهيمة بكثير إذ لا قدرة للبهيمة
على ذلك، فأمّا هو فقد خلقت له القدرة ثمّ عطّلها و كفّر نعمة اللّه فيها، فأولئك
كالانعام بل هم أضلّ سبيلا، و إذا عرفت طريق الفكر في نفسك فتفكّر في الأرض الّتي
هي مقرّك ثمّ في أنهارها و بحارها و جبالها و معادنها ثمّ ارتفع منها إلى ملكوت
السّماوات.
امّا الأرض
فمن آياته أن خلق الأرض
فراشا و مهادا و سلك فيها سبلا فجاجا و جعلها ذلولا لتمشوا في مناكبها و جعلها
وقورا لا تتحرّك و أرسى فيها الجبال أوتادا لها تمنعها من أن تميد، ثمّ وسّع
أكنافها حتّى عجز الآدميّون عن بلوغ جميع جوانبها و إن طالت أعمارهم و كثر تطوافهم
فقال تعالى: «وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ. وَ
الْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ[1]» و قال تعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها[2]» و قال: «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
فِراشاً[3]»
و قد أكثر في كتابه العزيز ذكر الأرض ليتفكّر في عجائبها فظهرها مقرّ للأحياء و
بطنها للأموات، و لذلك قال تعالى: «أَ لَمْ نَجْعَلِ
الْأَرْضَ كِفاتاً. أَحْياءً وَ أَمْواتاً»[1]فانظر إلى
الأرض و هي ميتة فإذا أنزل عليها الماء اهتزّت و ربت و اخضرّت و أنبتت عجائب
النّبات و خرجت منها أصناف الحيوان، ثمّ انظر كيف أحكم جوانب الأرض بالجبال
الرّاسيات الشوامخ الصّم الصلاب، و كيف أودع المياه تحتها ففجّر العيون و أسال
الأنهار تجري على وجهها و إنّما أخرج من الحجارة اليابسة
[1] المرسلات: 25 و 26.
و قوله تعالى «كِفاتاً» قال البيضاوي: اى
كافئة، اسم لما يكفت اى يضم و يجمع، كالضمام و الجماع لما يضم و يجمع، أو مصدر نعت
به أو جمع كافت كصائم و صيام أو كفت و هو الوعاء أجرى على الأرض باعتبار أقطارها.