نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 21
من أولياء اللّه فلا
يحبّهم إلّا لحسن ما ظهر له منهم و ليس ذلك لحسن صورهم و لا لحسن أفعالهم بل دلّ
حسن أفعالهم على حسن الصفات الّتي هي مصدر الأفعال إذ الأفعال آثار صادرة عنها و
دالّة عليها فمن رأى حسن تصنيف المصنّف و حسن شعر الشاعر بل حسن نقش النقّاش و
بناء البنّاء انكشف له من هذه الأفعال صفاتهم الجميلة الباطنة الّتي يرجع حاصلها
عند البحث إلى العلم و القدرة فكلّما كان المعلوم أشرف و أتمّ جمالا و جلالا و
عظمة كان العلم أشرف و أجمل و كذا المقدور كلّما كان أعظم رتبة و أجلّ مرتبة كانت
القدرة عليه أجلّ رتبة و أشرف قدرا، و أجلّ المعلومات هو اللّه فلا جرم أحسن
العلوم و أشرفها معرفة اللّه عزّ و جلّ و كذلك ما يقاربه فشرفه على قدر تعلّقه به
فإذن جمال صفات الصدّيقين الّذين تحبّهم القلوب طبعا يرجع إلى ثلاثة أمور أحدها
علمهم باللّه عزّ و جلّ و ملائكته و كتبه و رسله و شرائع الأنبياء، و الثاني
قدرتهم على إصلاح أنفسهم و إصلاح عباد اللّه بالإرشاد و السياسة، و الثالث تنزّههم
عن الرّذائل و الخبائث و الشهوات الغالبة الصارفة عن سنن الخير الجاذبة إلى طريق
الشرّ و بمثل هذا يحبّ الأنبياء و العلماء فانسب هذه الصفات إلى صفات اللّه تعالى
أمّا العلم فأين علم الأوّلين و الآخرين من علم اللّه الّذي هو محيط بالكلّ إحاطة
خارجة عن النهاية حتّى لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماوات و لا في الأرض و قد
خاطب الخلق كلّهم فقال: «وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ
إِلَّا قَلِيلًا»[1] و لو اجتمع أهل السماوات و الأرض
على أن يحيطوا بعلمه و حكمته في تفصيل خلقة نملة أو بعوضة لم يطّلعوا على عشر
عشيرة و لا يحيطون بشيء من علمه إلّا بما شاء، و القدرة اليسير الّذي علمه
الخلائق كلّهم فبتعليمه إيّاهم علموه كما قال تعالى:
«خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ»[2] فإن كان جمال العلم و شرفه أمرا محبوبا و كان هو في نفسه زينة و
كمالا للموصوف به فلا ينبغي أن يحبّ بهذا السبب إلّا اللّه تعالى، فعلوم العلماء
جهل بالإضافة إلى علمه بل من عرف أعلم أهل زمانه و أجهل أهل زمانه استحال أن يحبّ
بسبب العلم الأجهل و يترك الأعلم و إن كان الأجهل لا يخلو عن علم ما بتفاصيل
معيشته و