نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 206
حقّ تأمّله لم ينقطع
فيها نظره طول عمره، و شرح آحاد الآيات و الأخبار يطول فانظر إلى قوله عليه
السّلام: «إنّ روح القدس نفث في روعي: أحبب من أحببت فإنّك مفارقه و عش ما شئت
فإنّك ميّت و اعمل ما شئت فإنّك مجزيّ به»[1] فإنّ هذه الكلمات جامعة حكم الأوّلين و الآخرين و هي كافية
للمتأمّلين فيها طول العمر إذ لو وقفوا على معانيها و غلبت على قلوبهم غلبة يقين
لاستغرقتهم و لحالت بينهم و بين التلفّت إلى الدّنيا بالكلّية فهذا هو طريق الفكر
في علوم المعاملة و صفات العبد من حيث هي محبوبة عند اللّه أو مكروهة و المبتدي
ينبغي أن يكون مستغرق الهمّ في هذه الأفكار حتّى يعمر قلبه بالأخلاق المحمودة و
المقامات الشريفة و ينزّه باطنه و ظاهره عن المكاره و ليعلم أنّ هذا مع أنّه أفضل
من سائر العبادات فليس هو غاية المطلب بل المشغول به محجوب عن مطلب الصدّيقين و هو
التنعّم بالفكر في جلال اللّه و جماله و استغراق القلب بحيث يفنى عن نفسه أي ينسى
نفسه و أحواله و مقاماته و صفاته فيكون مستغرق الهمّ بالمحبوب كالعاشق المستهتر
عند لقاء الحبيب فإنّه لا يتفرّغ للنظر في أحوال نفسه و أوصافها بل يبقى كالمبهوت
الغافل عن نفسه و هو منتهى لذّة العشّاق فأمّا ما ذكرناه فهو تفكّر في عمارة
الباطن ليصلح للقرب و الوصال فإذا ضيّع جميع عمره في إصلاح نفسه فمتى يتنعّم
بالقرب و لذلك كان الخوّاص يدور في البوادي فلقيه الحسين بن منصور و قال له: فيم
أنت؟ قال:
أدور في البوادي أصلح
حالي في التوكّل قال: أفنيت عمرك في عمران باطنك فأين الفناء في التّوحيد. فالفناء
في الواحد الحقّ هو غاية مقصد الطالبين و منتهى نعيم الصدّيقين و أمّا التنزّه عن
الصّفات المهلكات فيجري مجرى الخروج عن العدّة في النكاح و الاتّصاف بالصّفات
المنجيات و سائر الطاعات يجري مجرى تهيئة المرأة جهازها و تنظيفها وجهها و مشطها
شعرها لتصلح بذلك للقاء زوجها، فإن استغرقت جميع عمرها في تبرئة الرّحم و تزيين
الوجه كان ذلك حجابا لها عن لقاء زوجها فهكذا ينبغي أن تفهم طريق الدّين إن كنت من
أهل المجالسة و إن كنت كالعبد