نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 204
أعضائي بقدرته فكيف اعجب
بعملي أو بنفسي و لا قوام لنفسي بنفسي، و إذا أحسّ في نفسه بالكبر قرّر على نفسه
ما فيها من الحماقة و يقول لها: لم ترين نفسك أكبر و الكبير من هو كبير عند اللّه
و ذلك ينكشف بعد الموت، و كم من كافر في الحال يموت متقرّبا إلى اللّه تعالى
بنزوعه عن الكفر و كم من مسلم يموت شقيّا بتغيّر حاله عند الموت بسوء الخاتمة،
فإذا عرف أنّ الكبر مهلك و أنّ أصله الحماقة فيتفكّر في علاج إزالته بأن يتعاطى
أفعال المتواضعين، و إذا وجد في نفسه شهوة الطعام و شرهه تفكّر في أنّ هذه صفة
البهائم و لو كان في شهوة الطعام و الوقاع كمال لكان ذلك من صفات اللّه و صفات
الملائكة كالعلم و القدرة و لما اتّصف بهما البهائم و مهما كان الشره عليه أغلب
كان بالبهائم أشبه و عن الملائكة المقرّبين أبعد، و كذلك يقرّر على نفسه في الغضب
ثمّ يتفكّر في طريق العلاج و كلّ ذلك ذكرناه في هذه الكتب فمن يريد أن يتّسع له
طريق الفكر فلا بدّ له من تحصيل ما في هذه الكتب.
و أمّا النوع الرابع
و هو المنجيات فهو
التوبة و الندم على الذّنوب و الصبر على البلاء و الشكر على النعماء و الخوف و
الرّجاء و الزّهد في الدّنيا و الإخلاص و الصدق في الطاعات و محبّة اللّه عزّ و
جلّ و تعظيمه و الرّضا بأفعاله و الشوق إليه و الخشوع و التواضع له، و كلّ ذلك
ذكرناه في هذا الرّبع و ذكرنا أسبابه و علاماته فليتفكّر العبد كلّ يوم و ليلة في
قلبه و ما الّذي يعوزه[1]من هذه الصفات الّتي هي المقرّبة إلى اللّه عزّ و جلّ،
فإذا افتقر إلى شيء منها فليعلم أنّها أحوال لا يثمرها إلّا علوم و أنّ العلوم لا
يثمرها إلّا أفكار، فإذا أراد أن يكتسب لنفسه حال التوبة و الندم فليفتّش عن ذنوبه
أوّلا و ليتفكّر فيها و ليجمعها على نفسه و ليعظمها في قلبه، ثمّ لينظر في الوعيد
و التشديد الّذي ورد في الشرع فيه و ليحقّق عند نفسه أنّه متعرّض لمقت اللّه عزّ و
جلّ به حتّى ينبعث له حال الندم، و إذا أراد أن يستثير من قلبه حال الشكر فلينظر
في إحسان اللّه تعالى إليه و أياديه عليه و في إرساله جميل ستره عليه على ما شرحنا
بعضه في كتاب الشكر فليطالع ذلك، و إذا أراد حال المحبّة و الشوق