نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 200
(بيان مجاري الفكر)
اعلم أنّ الفكر قد يجري
في أمر يتعلّق بالدّين و قد يجري فيما يتعلّق بغير الدّين و إنّما غرضنا ما يتعلّق
بالدّين فلنترك القسم الآخر و نعني بالدّين المعاملة الّتي بين العبد و بين الرّبّ
تعالى فجميع أفكار العبد إمّا أن تتعلّق بالعبد و صفاته و أحواله و إمّا أن تتعلّق
بالمعبود و صفاته و أفعاله و لا يمكن أن يخرج من هذين القسمين
[القسم الأوّل التّفكر
في ما يتعلّق بالعبد]
و ما يتعلّق بالعبد إمّا
أن يكون نظرا فيما هو محبوب عند الرّبّ تعالى أو فيما هو مكروه و لا حاجة إلى
الفكر في غير هذين القسمين و ما يتعلّق بالرّبّ تعالى إمّا أن يكون نظرا في ذاته و
صفاته و أسمائه الحسني.
و إمّا أن يكون نظرا في
أفعاله و ملكه و ملكوته و جميع ما في السموات و الأرضين و ما بينهما و ينكشف لك
انحصار الفكر في هذه الأقسام بمثال و هو أنّ حال السائرين إلى اللّه و المشتاقين
إلى لقائه يضاهي حال العشّاق فلنتّخذ العاشق المستهتر مثالا فنقول: العاشق
المستغرق الهمّ بعشقه لا يعدو فكره من أن يتعلّق بمعشوقه أو يتعلّق بنفسه، فإن
تفكّر في معشوقه فإمّا أن يتفكّر في جماله و حسن صورته ليتنعّم بالفكر فيه و
مشاهدته، و إمّا أن يتفكّر في أعماله اللّطيفة الحسنة الدّالّة على أخلاقه و صفاته
ليكون ذلك مضعفا للذّته و مقويا لمحبّته و إن تفكّر في نفسه فيكون فكره في صفاته
الّتي تسقطه من عين محبوبه حتّى يتنزّه عنها أو في الصفات الّتي تقرّبه منه و
تحبّبه إليه حتّى يتّصف بها فإن تفكّر في شيء خارج عن هذه الأقسام فذلك خارج عن
حدّ العشق و هو نقصان فيه لأنّ العشق التامّ الكامل ما يستغرق العاشق و يستولى على
القلب حتّى لا يترك فيه متّسعا لغيره، فمحبّ اللّه تعالى ينبغي أن يكون كذلك فلا
يعدو نظره و تفكّره محبوبه و مهما كان تفكّره محصورا في هذه الأقسام الأربعة لم
يكن خارجا عن مقتضى المحبّة فلنبدأ بالقسم الأوّل و هو تفكّره في صفات نفسه و
أفعال نفسه ليميّز المحبوب منها عن المكروه، فإنّ هذا القسم هو الّذي يتعلّق بعلم
المعاملة الّذي هو مقصود هذا الكتاب، و أمّا القسم الآخر فيتعلّق بعلم المكاشفة،
ثمّ كلّ واحد ممّا هو مكروه عند اللّه أو محبوب ينقسم
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 200