نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 193
أما بعد فقد وردت السنّة
بأنّ تفكّر ساعة خير من عبادة سنة[1]و كثر الحثّ في كتاب اللّه عزّ و جلّ على
التدبّر و الاعتبار و النظر و الافتكار، و لا يخفى أنّ الفكر هو مفتاح الأنوار و
مبدأ الاستبصار و هو شبكة العلوم و مصيدة المعارف و الفهوم، و أكثر الناس قد عرفوا
فضيلته و رتبته لكن جهلوا حقيقته و ثمرته و مصدره و مورده و مجراه و مسرحه و طريقه
و كيفيته، و لم يعلم أنّه كيف يتفكّر و فيما ذا يتفكّر و لما ذا يتفكّر و ما الّذي
يطلب به أ هو مراد لعينه أو لثمرة تستفاد منه و إن كان لثمرة فما تلك الثمرة أ هي
من العلوم أو من الأحوال أو منهما جميعا و كشف جميع ذلك مهمّ و نحن نذكر أوّلا
فضيلة التفكّر، ثمّ حقيقة التفكّر و ثمرته، ثمّ مجاري الفكر و مسارحه إن شاء
اللّه.
(فضيلة التفكّر)
قد أمر اللّه تعالى
بالتفكّر و التدبّر في كتابه العزيز في مواضع لا تحصى و أثنى على المتفكّرين فقال
تعالى: «وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ
رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا[1]» و قد قال ابن عبّاس: إنّ قوما تفكّروا في اللّه عزّ و جلّ فقال
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «تفكّروا في خلق اللّه و لا تتفكّروا في
اللّه فإنّكم لن تقدروا قدره»[2] و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أنّه خرج على قوم ذات
يوم و هم يتفكّرون فقال ما لكم لا تتكلّمون؟ فقالوا: نتفكّر في خلق اللّه عزّ و
جلّ، قال: فكذلك فافعلوا تفكّروا في خلقه و لا تتفكّروا فيه فإنّ بهذا المغرب أرضا
بيضاء نورها بياضها و
[1] رواه ابن حبان في
كتاب العظمة من حديث أبي هريرة بلفظ «ستين سنة» و رواه أبو منصور الديلمي في مسند
الفردوس من حديث انس بلفظ «ثمانين سنة» و رواه أبو- الشيخ في كتاب العظمة من قول
ابن عباس (المغني) أقول: و رواه بلفظه العياشي في تفسيره من حديث جعفر بن محمد
عليهما السلام كما في البحار الجزء الثاني من المجلد الخامس عشر ص 195.