responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 17

بعد عنها و من عرف الدّنيا زهد فيها فكيف يتصوّر أن يحبّ الإنسان نفسه و لا يحبّ ربّه الّذي به قوام نفسه و معلوم أنّ المبتلى بحرّ الشمس لمّا كان يحبّ الظلّ فيحبّ بالضرورة الأشجار الّتي بها قوام الظلّ و كلّ ما في الوجود بالإضافة إلى قدرة اللّه عزّ و جلّ هو كالظلّ بالإضافة إلى الشجر و النور بالإضافة إلى الشمس، فإنّ الكلّ من آثار قدرته و وجود الكلّ تابع لوجوده كما أنّ وجود النور تابع للشمس، و وجود الظلّ تابع للشجر، بل هذا المثال صحيح بالإضافة إلى أوهام العوام إذ تخيّلوا أنّ النور أثر الشمس و فائض منها و موجود بها و هو خطأ محض إذ انكشف لأرباب القلوب انكشافا أظهر من مشاهدة الأبصار أنّ النور حاصل من قدرة اللّه تعالى اختراعا عند وقوع المقابلة بين الشمس و بين الأجسام الكثيفة كما أنّ نور الشمس و عينها و شكلها و صورتها أيضا حاصل من قدرة اللّه تعالى و لكنّ الغرض من الأمثلة التفهيم فلا يطلب منها الحقائق فإذن إن كان حبّ الإنسان نفسه ضروريّا فحبّه لمن به قوامه أوّلا و دوامه ثانيا في أصله و صفاته و ظاهره و باطنه و جواهره و أعراضه أيضا ضروريّ إن عرف ذلك كذلك و من خلا عن هذا الحبّ فلأنّه اشتغل بنفسه و شهواته و ذهل عن ربّه و خالقه فلم يعرفه حقّ معرفته و قصر نظره على شهواته و محسوساته و هو عالم الشهادة الّذي يشاركه البهائم في التنعّم به و الاتّساع فيه دون عالم الملكوت الّذي لا يطأ أرضه إلّا من يقرب في شكله من الملائكة فينظر فيه بقدر قربه في الصفات من الملائكة و يقصر عنه بقدر انحطاطه إلى حضيض عالم البهائم.

و أمّا السبب الثاني: و هو حبّه لمن أحسن إليه‌

فواساه بماله و لاطفه بكلامه و أمدّه بمعونته و انتدب لنصرته و قمع أعداءه و قام بدفع شرّ الأشرار عنه و انتهض وسيلة إلى جميع حظوظه و أغراضه في نفسه و أولاده و أقاربه فإنّه محبوب لا محالة عنده، و هذا بعينه يقتضي أن لا يحبّ إلّا اللّه تعالى فإنّه لو عرف حقّ المعرفة لعلم أنّ المحسن إليه هو اللّه تعالى فقطّ فأمّا أنواع إحسانه إلى كلّ عبيده فلست أعدّها إذ ليس يحيط بها حصر حاصر كما قال تعالى: «وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها» [1]


[1] إبراهيم: 34.

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست