نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 155
و قال بعض الحكماء: إذا
أردت أن يكون العقل غالبا للهوى فلا تعمل بقضاء الشهوة حتّى تنظر إلى العاقبة فإنّ
مكث الندامة في القلب أكثر من مكث خفّة الشهوة، و قال لقمان: إنّ المؤمن إذا أبصر
العاقبة أمن الندامة. و روى شدّاد بن أوس عنه عليه السّلام أنّه قال: «الكيّس من
دان نفسه و عمل لما بعد الموت و الأحمق من أتبع نفسه هواها و تمنّى على اللّه
الأماني»[1] دان نفسه أي حاسب نفسه، و يوم
الدّين هو يوم الحساب. و قوله تعالى: «أَ إِنَّا
لَمَدِينُونَ»[2] أي لمحاسبون. و قال بعض الصحابة:
«حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و زنوها قبل أن توزنوا، و تهيّئوا للعرض الأكبر» و
هذا كلّه إشارة إلى المحاسبة للمستقبل إذ قال: من دان نفسه و عمل لما بعد الموت
معناه وزن الأمور أوّلا و قدّرها و نظر فيها و تدبّرها ثمّ أقدم عليها فباشرها.
(المرابطة الثانية
المراقبة)
إذا أوصى الإنسان نفسه و
شرط عليها ما ذكرناه فلا يبقى إلّا المراقبة لها عند الخوض في الأعمال و ملاحظتها
بالعين الكالئة فإنّها إن تركت طغت و فسدت، و لنذكر فضيلة المراقبة ثمّ درجاتها.
أمّا الفضيلة فقد سأل
جبرئيل عليه السّلام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الإحسان فقال: «أن
تعبد اللّه كأنّك تراه»[3]
و قال أيضا: «اعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك»[4] و قد قال تعالى: «أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ»[5] و قال تعالى:
«أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى»[6]، و قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ كانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيباً»[7]
و قال تعالى: «وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ. وَ
الَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ»[8].