نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 147
البعير و لذلك قال عليه
السّلام: «لا يبلغ أحد حقيقة الإيمان حتّى يرى الناس كالأباعر في جنب اللّه ثمّ
يرجع إلى نفسه فيجدها أحقر حقير»[1] و الصادق إذن في جميع هذه المقامات عزيز، ثمّ درجات الصدق لا
نهاية لها و قد يكون للعبد صدق في بعض الأمور دون بعض فإن كان صادقا في الجميع فهو
الصدّيق حقّا و قال سعد بن معاذ:
ثلاثة أنا فيهنّ قوي و
فيما سواهنّ ضعيف ما صلّيت صلاة منذ أسلمت فحدّثت نفسي بأن أعيش حتّى أفرغ منها، و
ما شيّعت جنازة فحدّثت نفسي بغير ما هي قائله و ما هو مقول لها حتّى يفرغ من
دفنها، و ما سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول قولا إلّا علمت أنّه
حقّ، فقال ابن المسيّب لما سمع هذا الحديث: ما ظننت أنّ هذه الخصال تجتمع إلّا في
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. فهذا صدق في هذه الأمور و كم من جملة
الصحابة قوم قد أدّوا الصلاة و شيّعوا الجنائز و لم يبلغوا هذا المبلغ، فهذه هي
درجات الصدق و معانيه و الكلمات المأثورة عن المشايخ في حقيقة الصدق في الأغلب لا
يتعرّض فيها إلّا لآحاد هذه المعاني، نعم قد قال أبو بكر الورّاق: الصدق ثلاثة:
صدق التوحيد و صدق الطاعة و صدق المعرفة فصدق التوحيد لعامّة المؤمنين قال اللّه
تعالى: «وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ
الصِّدِّيقُونَ»[2] و صدق الطاعة لأهل العلم و صدق
المعرفة لأهل الولاية الّذين هم أوتاد الأرض. و كلّ هذا يدور على ما ذكرناه في
الصدق السادس و لكنّه ذكر أقسام ما فيه الصدق و هو أيضا غير محيط بجميع الأقسام. و
قال جعفر الصادق عليه السّلام: الصدق هو المجاهدة و أن لا تختار على اللّه غير
اللّه كما لم يختر عليك غيرك فقال تعالى: «هُوَ
اجْتَباكُمْ»[3]. و قيل: أوحى اللّه تعالى إلى موسى
عليه السّلام أنّي إذا أحببت عبدا ابتليته ببلاء لا تقوم لها الجبال لأنظر كيف
صدقه فإن وجدته صابرا اتّخذته وليّا و حبيبا، و إن وجدته جزوعا يشكوني إلى خلقي
خذلته و لم أبال.
فإذن من علامات الصدق
كتمان المصائب و الطاعات جميعا و كراهة اطّلاع الخلق عليها.
(1) أقول: و في مصباح
الشريعة عن الصادق عليه السّلام قال: «إذا أردت أن تعلم أ صادق