نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 127
في الأرض و لو شاء
لبعثهم إلى أهلها و أمرهم بقطعها قال العابد: لا بدّ لي من قطعها فنابذه للقتال
فغلبه العابد و صرعه و قعد على صدره فعجز إبليس فقال: هل لك في أمر فصل بيني و
بينك و هو خير لك و أنفع قال: و ما هو؟ قال: أطلقني حتّى أقول لك، فأطلقه فقال له
إبليس: أنت رجل فقير لا شيء لك إنّما أنت كلّ على النّاس يعولونك و لعلّك تحبّ أن
تتفضّل على إخوانك و تواصي جيرانك و تشبع و تستغني عن الناس؟ قال: نعم، قال: فارجع
عن هذا الأمر و لك عليّ أن أجعل عند رأسك في كلّ ليلة دينارين إذا أصبحت أخذتهما
فأنفقتهما على نفسك و عيالك و تصدّقت على إخوانك فيكون ذلك أنفع لك و للمسلمين من
قطع هذه الشجرة الّتي تغرس مكانها و لا يضرّهم قطعها شيئا و لا ينفع إخوانك
المؤمنين قطعك إيّاها فتفكّر العابد فيما قال، و قال: صدق الشيخ لست بنبيّ فيلزمني
قطع هذه الشجرة و لا أمرني اللّه أن أقطعها فأكون عاصيا بتركها و ما ذكره أكثر
منفعة فعاهده على الوفاء بذلك و حلف له فرجع العابد إلى متعبّده فبات فلمّا أصبح
رأى دينارين عند رأسه فأخذهما و كذلك من الغد ثم أصبح اليوم الثالث و ما بعده فلم
يجد شيئا فغضب و أخذ فأسه على عاتقه فاستقبله إبليس في صورة الشيخ فقال له: إلى
أين؟ فقال: أقطع تلك الشجرة فقال: كذبت و اللّه ما أنت بقادر على ذلك و لا سبيل لك
إليها فتناوله العابد ليأخذه كما فعل أوّل مرّة فقال: هيهات فأخذه إبليس و صرعه
فإذا هو كالعصفور بين رجليه و قعد إبليس على صدره فقال: لتنتهينّ عن هذا الأمر أو
لأقتلنّك فنظر العابد فإذا لا طاقة له به، فقال: يا هذا غلبتني فخلّ عنّي و أخبرني
كيف غلبتك أوّلا و غلبتني الآن، فقال: لأنّك غضبت للَّه تعالى أوّل مرّة و كانت
نيّتك الآخرة فسخّرني اللّه لك و هذه الكرّة غضبت لنفسك و للدّنيا فصرعتك.
و هذه الحكاية تصديق
قوله تعالى: «إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»[1] إذ لا تتخلّص العبد عن الشيطان إلّا
بالإخلاص و لذلك كان المعروف الكرخي يضرب نفسه و يقول: يا نفس أخلصي تخلصي، و قال
يعقوب المكفوف: المخلص من يكتم حسناته