نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 124
بين جمال الحور العين و
الصور المصنوعة من الطين، بل استعظام النفوس البهيميّة الشهوانيّة لقضاء الوطر من
مخالطة الحسان و إعراضها عن جمال وجه اللّه الكريم يضاهي استعظام الخنفساء
لصاحبتها و ألفها لها و إعراضها عن النظر إلى جمال وجوه النساء فعمى أكثر القلوب
عن إبصار جمال اللّه عزّ و جلّ و جلاله يضاهي عمي الخنفساء عن إدراك جمال النساء
فإنّها لا تشعر به أصلا و لا تلتفت إليه و لو كان لها عقل و ذكرن لها لاستخفّ عقل
من يلتفت إليهنّ و لا يزالون مختلفين إلّا من رحم ربّك، كلّ حزب بما لديهم فرحون و
لذلك خلقهم و الغرض أنّ هذه النيّات متفاوتة الدّرجات و من غلب على قلبه واحدة
منها ربّما لم يتيسّر له العدول إلى غيرها و معرفة هذه الحقائق تورث أعمالا و
أفعالا يستنكرها الظاهريّون من الفقهاء فإنّا نقول من حضرت له نيّة في مباح و لم
تحضر في فضيلة فالمباح أولى و انتقلت الفضيلة إليه و صارت الفضيلة في حقّه نقيصة
لأنّ الأعمال بالنيّات و ذلك مثل العفو فإنّه أفضل من الانتصار في الظلم فإنّه
ربّما تحضره نيّة في الانتصار دون العفو يكون ذلك أفضل و مثل أن يكون له نيّة في
الشرب و الأكل و النوم ليريح نفسه و يتقوّى على العبادة في المستقبل و ليس تنبعث
نيّته في الحالين للصوم و الصلاة فالأكل و النوم هو الأفضل له بل لو ملّ العبادة
لمواظبته عليها و سكن نشاطه و ضعف رغبته و علم أنّه لو ترفّه ساعة بلهو و حديث عاد
نشاطة، فاللّهو و الحديث أفضل من الصلاة، و قال أبو الدّرداء: إنّي لأستجمّ نفسي
باللّهو فيكون ذلك عونا لي على الحقّ. و قال عليّ عليه السّلام: «روّحوا القلوب
فإنّها إذا أكرهت عميت»[1]
و هذه دقائق يدركها سماسرة العلماء دون الحشويّة منهم بل الحاذق بالطبّ قد يعالج
المحرور باللّحم مع حرارته و يستبعده القاصر في الطبّ و إنّما ينبغي به أن يعيد
أوّلا قوّته ليحتمل المعالجة بالضدّ، و الحاذق في الشطرنج قد ينزل عن الرخ و الفرس
مجّانا ليتوصّل به إلى الغلبة و الضعيف البصيرة قد يضحك به و يتعجّب منه و كذلك
الخبير بالقتال قد يرى من نفسه الهزيمة و يولّي الخصم دبره ليستجرّه إلى مضيق
فيكرّ عليه فكذلك سلوك طريق اللّه عزّ و جلّ