نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 107
موافقا للغرض، إمّا في
الحال أو في المآل فقد خلق الإنسان بحيث يوافقه بعض الأمور و يلائم غرضه و يخالفه
بعض الأمور فاحتاج إلى جلب الملائم الموافق إلى نفسه و دفع المضارّ المنافي عن
نفسه فإذن لا بدّ من معرفة و إدراك للشيء المضرّ و النافع حتّى يطلب و يهرب فإنّ
من لا يدرك الغذاء و لا يعرفه لا يمكنه أن يتناوله و من لا يبصر النار لا يمكنه
الهرب منها فخلق اللّه الهداية و المعرفة و جعل لها أسبابا و هي الحواسّ الظاهرة و
الباطنة و ليس ذلك من غرضنا، ثمّ لو أبصر الغذاء و عرف أنّه موافق له فلا يكفيه
ذلك للتناول ما لم يكن فيه ميل إلى الغذاء و شهوة له باعثة عليه إذ المريض يرى
الغذاء و يعلم أنّه موافق له و لا يمكنه التناول لعدم الرّغبة و الميل و لفقد
الدّاعية المحرّكة إليه فخلق اللّه تعالى له الميل و الرّغبة و الإرادة و أعني بها
نزوعا في نفسه إليه و توجّها في قلبه إليه، ثمّ ذلك لا يكفيه فكم من مشاهد طعاما
راغب فيه مريد تناوله عاجز عنه لكونه زمنا، فخلقت له القدرة و الأعضاء المتحرّكة
حتّى يتمّ بها التناول و العضو لا يتحرّك إلّا بالقدرة و القدرة تنتظر الدّاعية
الباعثة و الدّاعية تنتظر العلم و المعرفة أو الظنّ و الاعتقاد و هو أن يقوى في
نفسه كون الشيء موافقا له و إذا جزمت المعرفة بأنّ الشيء موافق و لا بدّ أن يفعل
و سلمت عن معارضة باعث آخر صارف عنه انبعثت الإرادة و تحقّق الميل فإذا انبعثت
الإرادة انتهضت القدرة لتحريك الأعضاء فالقدرة خادمة للإرادة و الإرادة تابعة لحكم
الاعتقاد و المعرفة، فالنيّة عبارة عن الصفة المتوسّطة و هي الإرادة و انبعاث
النفس بحكم الرّغبة و الميل إلى ما هو موافق للغرض إمّا في الحال أو في المآل،
فالمحرّك الأوّل هو الغرض المطلوب و هو الباعث و الغرض الباعث هو المقصد المنويّ و
الانبعاث هو القصد و النيّة، و انتهاض القدرة لخدمة الإرادة بتحريك الأعضاء هو
العمل إلّا أنّ انتهاض القدرة للعمل قد يكون بباعث واحد و قد يكون بباعثين اجتمعا
في فعل واحد فإذا كان بباعثين فقد يكون كلّ واحد بحيث لو انفرد لكان مليّا بانهاض
القدرة، و قد يكون كلّ واحد قاصرا عنه إلّا بالاجتماع، و قد يكون أحدهما كافيا لو
لا الآخر لكن الآخر انتهض عاضدا له و معاونا، فيخرج من هذا التقسيم أربعة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 107