نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 8
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: «للَّه أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض دوّيّة[1]مهلكة معه
راحلته عليها طعامه و شرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ و قد ذهبت راحلته فطلبها
حتّى إذا اشتدّ عليه الحرّ و العطش أو ما شاء اللّه قال:
أرجع إلى مكاني الّذي كنت فيه فأنام حتّى
أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ فإذا راحلته عنده عليها زاده و شرابه،
فاللّه أشدّ فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته»[1]. و في بعض
الألفاظ قال من شدّة فرحه إذا أراد شكر اللّه «أنا ربّك و أنت عبدي»[2].
و يروى أنّه لما تاب اللّه على آدم عليه
السّلام هنّأته الملائكة فهبط عليه جبرئيل و ميكائيل فقالا: يا آدم قرّت عينك
بتوبة اللّه عزّ و جلّ عليك، فقال آدم: يا جبرئيل فإن كان بعد هذه التّوبة سؤال
فأين مقامي فأوحى اللّه إليه يا آدم ورّثت ذرّيتك التعب و النصب و ورّثتهم التوبة
فمن دعاني منهم لبّيته كتلبيتك و من سألني المغفرة لم أبخل عليه لأنّي قريب مجيب،
يا آدم و أحشر التائبين من القبور مستبشرين ضاحكين و دعاؤهم مستجاب. و الأخبار و
الآثار في ذلك لا تحصى.
(1) أقول:
و من طريق الخاصّة
ما رواه في الكافي عن أبي جعفر الباقر عليه
السّلام أنّه قال: «إنّ اللّه أشدّ فرحا بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته و زاده في
ليلة ظلماء فوجدها فاللّه تعالى أشدّ فرحا بتوبة عبده من ذلك الرّجل براحلته حين
وجدها»[3].
و عن الصادق عليه السّلام «إنّ اللّه يفرح
بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحد كم بضالّته إذا وجدها»[4].
و عنه عليه السّلام في قوله تعالى:
«تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً» قال: «هو الذّنب الّذي
[1] بفتح الدال المهملة و تشديد الواو و
الياء جميعا- منسوب إلى الدو بتشديد الواو و هي البرية التي لا نبات فيها. و
الداوية هنا على إبدال أحد الواوين ألفا كما قيل في النسب إلى طيّ طائى. (قاله
السنوسى)
[1] أخرجه مسلم ج 8 ص 92 من حديث عبد اللّه
بن مسعود.
لا يعود فيه أبدا. قيل: و أيّنا لم يعد؟ قال:
يا فلان إنّ اللّه يحبّ من عباده المفتّن التّواب»[1]. و في رواية أخرى «و من لا
يكون ذلك منه كان أفضل»[1].
و عنه عليه السّلام قال: «إذا تاب العبد توبة
نصوحا أحبّه اللّه فستر عليه. قيل: و كيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كانا
يكتبان عليه و يوحي اللّه إلى جوارحه و إلى بقاع الأرض أن اكتمي عليه ذنوبه فيلقى
اللّه تعالى حين يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من الذّنوب»[2].
و عن الباقر عليه السّلام «التائب من الذّنب
كمن لا ذنب له، و المقيم على الذّنب و هو يستغفر منه كالمستهزئ»[3].
و عن بعض أصحابنا رفعه قال: «إنّ اللّه أعطى
التوّابين ثلاث خصال لو أعطي خصلة منها جميع أهل السّماوات و الأرض لنجوا بها قوله
تعالى «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ»[4] فمن أحبّه اللّه لم يعذّبه و قوله:
«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ
رَبِّهِمْ (وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا- إلى قوله- ذلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»[5] و قوله تعالى: «وَ الَّذِينَ
لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي
حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِ- إلى قوله- وَ كانَ اللَّهُ
غَفُوراً رَحِيماً»[6].
قال أبو حامد:
و الإجماع منعقد من الامّة على وجوبها
إذا معناه العلم بأنّ الذّنوب و المعاصي
مهلكات و مبعدات من اللّه و هذا داخل في وجوب الايمان و لكن قد تدهش الغفلة عنه
فمعنى هذا العلم إزالة هذه الغفلة و لا خلاف في وجوبها و من معانيها ترك المعاصي
في الحال و العزم على تركها في الاستقبال و تدارك ما سبق من التقصير في سابق
الأحوال و ذلك لا شكّ في وجوبه. و أمّا التندّم على ما سبق و التحزّن عليه فواجب و
هو روح التّوبة و به تمام التلافي فكيف لا يكون واجبا بل هو نوع
[1] الكافي ج 2 ص 432 تحت رقم 4. و المعنى
التوبة من الذنب. الذي لا يعود.