نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 57
نفسه فيها فكانت عليه بردا و سلاما، و من سبق
له في علم اللّه أن يكون شقيّا امتنع فلم يلق نفسه في النار فيأمر اللّه به إلى
النار»[1] لتركه ما أمر اللّه و امتناعه من الدّخول فيها.
الرتبة الرابعة رتبة الفائزين
و هم العارفون دون المقلّدين و هم المقرّبون
السابقون، فإنّ المقلّد و إن كان له فوز على الجملة بمقام في الجنّة فهو من أصحاب
اليمين و هؤلاء هم المقرّبون و ما يلقى هؤلاء يجاوز حدّ البيان و القدر الممكن
ذكره ما فصّله القرآن فليس بعد بيان اللّه بيان، و الّذي لا يمكن التعبير عنه في
هذا العالم فهو الّذي أجمله قوله تعالى: «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما
أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ»[2]، و قوله: «أعددت
لعبادي الصالحين ما لا عين رأت و لا إذن سمعت و لا خطر على قلب بشر»[3] و
العارفون مطلبهم تلك الحالة الّتي لا يتصوّر أن تخطر على قلب بشر في هذا العالم،
فأمّا الحور و القصور و الفواكه و اللّبن و العسل و الخمر و الحليّ و الأساور
فإنّهم لا يحرصون عليها و لو أعطوها لم يقنعوا بها و لا يطلبون إلّا لذّة النظر
إلى وجه اللّه الكريم فهو غاية السعادات و نهاية اللّذّات و لذلك قيل لرابعة
العدويّة:
كيف رغبتك في الجنّة؟ فقالت: الجار ثمّ
الدّار، فهؤلاء قوم شغلهم حبّ ربّ الدّار عن الدّار و زينتها، بل عن كلّ شيء سواه
حتّى عن أنفسهم، و مثالهم مثال العاشق المستهتر بمعشوقه، المستغرق همّه بالنظر إلى
وجهه و الفكر فيه فانّه في حال الاستغراق غافل عن نفسه لا يحسّ بما يصيبه في بدنه،
و يعبّر عن هذه الحالة بأنّه فنى عن نفسه و معناه أنّه صار مستغرقا بغيره، و صارت
همومه همّا واحدا و هو محبوبه و لم يبق فيه متّسع لغير محبوبه حتّى يلتفت إليه لا
نفسه و لا غير نفسه، و هذه الحالة هي الّتي توصل في الآخرة إلى قرّة عين لا يتصوّر
أن تخطر في هذا العالم على قلب بشر كما لا يتصوّر أن تخطر صورة الألوان و الألحان
على قلب الأكمه و الأصم إلى أن يرفع الحجاب عن سمعه و بصره فعند ذلك يدرك حالة