نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 372
ناسخا لفعلهم و كان نهي اللّه تبارك و تعالى
رحمة منه للمؤمنين و نظرا لكيلا يضرّوا بأنفسهم و عيالاتهم منهم الضعفة الصغار و
الولدان و الشيخ الفاني و العجوز الكبيرة الّذين لا يصبرون على الجوع فإن تصدّقت
برغيفي و لا رغيف لي غيره ضاعوا و هلكوا جوعا، و من ثمّة قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: «خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها
الإنسان و هو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه، ثمّ الثانية
على نفسه و عياله، ثمّ الثالثة على قرابته الفقراء، ثمّ الرّابعة على جيرانه
الفقراء، ثمّ الخامسة في سبيل اللّه و هو أخسّها أجرا» و قال صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستّة من الرّقيق و لم يكن يملك
غيرهم و له أولاد صغار: «لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين ترك
صبية صغارا يتكفّفون الناس»[1]ثمّ قال: حدّثني أبي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم قال: «ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى» ثمّ هذا ما نطق به الكتاب
ردّا لقولكم و نهيا عنه مفروضا من اللّه العزيز الحكيم قال:
«وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ
يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً»[2]أ فلا
ترون أنّ اللّه تبارك و تعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على
أنفسهم و سمّى من فعل ما تدعون الناس إليه مسرفا و في غير آية من كتاب اللّه يقول:
«إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»[1] فنهاهم عن الإسراف و نهاهم عن التقتير
و لكن أمر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثمّ يدعو اللّه أن يرزقه فلا يستجيب له
للحديث الّذي جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «إنّ أصنافا من امّتي لا
يستجاب لهم دعاؤهم: رجل يدعو على والديه، و رجل يدعو على غريم[3]ذهب له بمال فلم
يكتب عليه و لم يشهد عليه، و رجل يدعو على امرأته و قد جعل اللّه عزّ و جلّ تخلية
سبيلها بيده، و رجل يقعد في بيته و يقول ربّ ارزقني و لا يخرج و لا يطلب الرّزق
فيقول اللّه له: عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب و الضرب في الأرض
[1] الصبية- بالتثليث- جمع صبي. و قوله:
«يتكففون» يقال: تكفف إذا سئل كفا من الطعام.
[2] الفرقان: 67، و القتر: القليل من
العيش، يقال: فلان قتر على عياله اى ضيق عليهم في النفقة. و المقتر: الفقير المقل.
و القوام العدل بين شيئين لاستقامة الطرفين.