نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 358
و لكن يجاهدها و يكفّها و هذا يسمّى
المتزهّد و هو مبدأ الزّهد في حقّ من يصل إلى درجة الزّهد بالكسب و الاجتهاد و
المتزهّد يذيب أوّلا نفسه ثمّ كيسه و الزّاهد يذيب أوّلا كيسه ثمّ يذيب نفسه في
الطاعات لا في الصبر على ما فارقه و المتزهّد على خطر فإنّه ربّما تغلبه نفسه و
تجذبه شهوته فيعود إلى الدّنيا و إلى الاستراحة بها في قليل أو كثير، الدّرجة
الثانية أن يترك الدّنيا طوعا لاستحقاره إيّاها بالإضافة إلى ما طمع فيه كالّذي
يترك درهما لأجل درهمين فإنّه لا يشقّ عليه ذلك و إن كان يحتاج إلى انتظار قليل و
لكن هذا الزّاهد يرى لا محالة زهده و يلتفت إليه كما يرى البائع المبيع و يلتفت
إليه فيكاد يكون معجبا بنفسه و بزهده و يظنّ بنفسه أنّه ترك شيئا له قدر لما هو
أعظم قدرا منه و هذا أيضا نقصان، الدّرجة الثالثة و هي العليا أن يزهد طوعا و يزهد
في زهده فلا يرى زهده إذ لا يرى أنّه ترك شيئا إذ عرف أنّ الدّنيا لا شيء فيكون
كمن ترك خنفساءة و أخذ جوهرة فلا يرى ذلك معاوضة و لا يرى نفسه تاركا شيئا، و
الدّنيا بالإضافة إلى اللّه و نعيم الآخرة أخسّ من خنفساءة إلى جوهرة فهذا هو
الكمال في الزّهد و سببه كمال المعرفة، و مثل هذا الزّاهد آمن من خطر الالتفات إلى
الدّنيا، كما أنّ تارك الخنفساءة بالجوهرة آمن من طلب الإقالة في البيع.
قال أبو يزيد لأبي موسى عبد الرّحيم: في أيّ
شيء تتكلّم؟ قال: في الزّهد قال: في أيّ شيء؟ قال: في الدّنيا فنفض يده، و قال:
ظننت أنّك تتكلّم في شيء، الدّنيا لا شيء أيش تزهد فيها، و مثل من ترك الدّنيا
للآخرة عند أهل المعرفة و أرباب القلوب المعمورة بالمشاهدات و المكاشفات مثل من
منعه عن باب الملك كلب على بابه فألقى إليه لقمة من خبز فشغله بنفسه و دخل الباب و
نال القرب عند الملك حتّى نفذ أمره في جميع مملكته أ فترى أنّه يرى لنفسه يدا عند
الملك بلقمة خبز ألقاها إلى كلبه في مقابلة ما يناله، فالشيطان كلب على باب اللّه
يمنع الناس من الدّخول مع أنّ الباب مفتوح و الحجاب مرفوع و الدّنيا كلقمة خبز إن
أكلها فلذّتها في حال المضغ و تنقضي على القرب بالابتلاع، ثمّ يبقى ثفله في
المعدة، ثمّ ينتهي إلى النتن و القذر و يحتاج إلى إخراج الثفل فمن يتركها لينال
عزّ الملك كيف يلتفت إليها، أو نسبة الدّنيا كلّها
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 358