نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 336
اعتمادا على السلاطين الظلمة فإن رزقه اللّه
من حلال قضاه و إن مات قبل القضاء قضى اللّه تعالى عنه و أرضى غرماءه، و ذلك بشرط
أن يكون مكشوف الحال عند من يقرضه فلا يغرّ المقرض و لا يخدعه بالمواعيد بل يكشف
حاله عنده ليقدم على إقراضه على بصيرة و دين مثل هذا الرّجل واجب أن يقضى من مال
بيت المال أو من الزّكوات فقد قال تعالى: «وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ
رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ»[1] و قيل:
معناه ليبع أحد ثوبيه، و قيل: معناه فليستقرض بجاهه، فذلك ممّا آتاه اللّه و قال
بعضهم: إنّ اللّه تعالى عبادا ينفقون على قدر بضائعهم و للَّه عباد ينفقون على قدر
حسن الظنّ باللّه. و مات بعضهم فأوصى بماله لثلاث طوائف الأقوياء و الأسخياء و
الأغنياء فقيل: من هؤلاء؟
فقال: أمّا الأقوياء فهم أهل التوكّل على
اللّه، و أمّا الأسخياء فهم أهل حسن الظنّ باللّه، و أمّا الأغنياء فهم أهل
الانقطاع إلى اللّه، فإذن مهما وجدت هذه الشروط فيه و في المال و في المعطي
فليأخذه، و ينبغي أن يرى ما يأخذه من اللّه لا من المعطي إنّما المعطي واسطة قد
سخّر للعطاء و هو مضطرّ إليه بما سلّط عليه من الدّواعي و الإرادات و الاعتقادات.
قال موسى عليه السّلام: يا ربّ جعلت رزقي
هكذا في أيدي بني إسرائيل يغديني هذا يوما و يعشيني هذا ليلة فأوحى اللّه إليه:
هكذا أصنع بأوليائي أجري أرزاقهم على أيدي البطّالين من عبادي ليؤجروا فيهم. فلا
ينبغي أن يرى المعطي إلّا من حيث أنّه مسخّر مأجور.
(بيان تحريم السؤال من غير ضرورة و آداب
الفقير المضطر فيه)
اعلم أنّه قد وردت مناه كثيرة في السؤال و
تشديدات، و ورد فيه أيضا ما يدلّ على الرّخصة و الكاشف للغطاء فيه أنّ السؤال حرام
في الأصل و إنّما يباح بضرورة أو حاجة مهمّة قريبة من الضرورة فإن كان عنها بدّ
فهو حرام و إنّما قلنا: إنّ الأصل فيه التحريم لأنّه لا ينفكّ من ثلاثة أمور
محرّمة: الأوّل إظهار الشكوى من اللّه إذ السّؤال إظهار للفقر و ذكر لقصور نعمة
اللّه عليه و هو عين الشكوى و كما
أنّ العبد المملوك لو سأل كان سؤاله تشنيعا
على سيّده، فكذا سؤال العباد تشنيع على اللّه تعالى و هذا ينبغي أن يحرّم و لا
يحلّ إلّا بضرورة كما يحلّ الميتة، و الثاني أنّ فيه إذلال السائل نفسه لغير اللّه
و ليس للمؤمن أن يذلّ نفسه لغير اللّه بل عليه أن يذلّ نفسه لمولاه فإنّ فيه عزّه
فأمّا سائر الخلق فإنّهم عباد أمثاله، فلا ينبغي أن يذلّ لهم إلّا بضرورة، و في
السؤال ذلّ للسائل بالإضافة إلى المسئول، و الثالث أنّه لا ينفكّ عن إيذاء المسئول
غالبا لأنّه ربّما لا تسمح نفسه بالبذل عن طيبة قلب منه فإن بذل حياء من السائل أو
رياء فهو حرام على الآخذ و إن منع ربما استحيي و تأذّى في نفسه بالمنع إذ يرى نفسه
في صورة البخلاء ففي البذل نقصان ماله و في المنع نقصان جاهه و كلاهما مؤذيان و
السائل هو السبب في الإيذاء و الإيذاء حرام إلّا بضرورة، و مهما فهمت هذه المحذورات
فهمت قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيث قال: «مسألة الناس من الفواحش و ما
أحلّ من الفواحش غيرها»[1] فانظر كيف سمّاه فاحشة و لا يخفى أنّ
الفاحشة إنّما تباح بضرورة. و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من سأل عن ظهر
غنى فإنّما يستكثر من جمر جهنم»[1]«و من سأل و له ما يغنيه جاء يوم القيامة و
عظم وجهه يتقعقع ليس عليه لحم»[2] و في لفظ آخر «كانت مسألته خدوشا و
كدوحا في وجهه»[3] و هذه الألفاظ صريحة في التحريم و التشديد. و بايع رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قوما على الإسلام فاشترط عليهم السمع و الطاعة
ثمّ قال لهم كلمة خفيفة: «و لا تسألوا الناس شيئا»[4] و كان
يأمر كثيرا بالتعفّف
[1] أخرجه أبو داود ج 1 ص 378 و رواه عبد
اللّه بن أحمد، و الطبراني في الأوسط بلفظ «رضف جهنم» و هو بمعنى جمر جهنم و في
اسناده ضعف كما في مجمع الزوائد ج 3 ص 94.