نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 271
عمّا يتطرّق إليه إمكان التحريف فيكفّ أيضا
عمّا لا يتيقّن أيضا تحريمه و يسمّى ذلك تقوى إذ التقوى أن يترك ما يريبه إلى ما
لا يريبه، و قد يحمله على أن يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس، و هو الصدق في
التقوى، فإذا انضمّ إليه التجرّد للخدمة فصار لا يبني ما لا يسكنه، و لا يجمع ما
لا يأكله، و لا يلتفت إلى دنيا يعلم أنّها تفارقه، و لا يصرف إلى غير اللّه تعالى
نفسا من أنفاسه فهو الصدق و صاحبه جدير بأن يسمّى صدّيقا و يدخل في الصدق التقوى،
و يدخل في التقوى الورع، و يدخل في الورع العفّة فإنّها عبارة عن الامتناع عن
مقتضى الشهوات خاصّة، فإذن الخوف يؤثّر في الجوارح بالكفّ و الإقدام. فهذه إشارة
إلى مجامع معاني الخوف و ما يكتنفه من جانب العلو كالمعرفة الموجبة له و من جانب
السفل كالأعمال الصادرة منه كفًّا و إقداما.
(بيان درجات الخوف و اختلافه في القوّة و
الضعف)
اعلم أنّ الخوف محمود و ربّما يظنّ أنّ كلّ
ما هو محمود كلّما كان أقوى و أكثر كان أحمد، و هو غلط بل الخوف سوط اللّه تعالى
يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم و العمل لينالوا بهما رتبة القرب من اللّه
تعالى و الأصلح للبهيمة أن لا تخلو عن سوط و كذا الصبيّ و لكن ذلك لا يدلّ على أنّ
المبالغة في الضرب محمود فكذلك الخوف له قصور و له إفراط و له اعتدال، و المحمود
هو الاعتدال و الوسط فأمّا القاصر منه فهو الّذي يجري مجرى رقّة النساء يخطر
بالبال عند سماع آية من القرآن فيورث البكاء و تفيض الدّموع و كذلك عند مشاهدة سبب
هائل، فإذا غاب ذلك السبب عن الحسّ رجع القلب إلى الغفلة فهذا خوف قاصر قليل
الجدوى ضعيف النفع، و هو كالقضيب الضعيف الّذي تضرب به دابّة قويّة لا يؤلمها ألما
مبرحا فلا يسوقها إلى المقصد و لا يصلح لرياضتها، و هكذا خوف الناس كلّهم إلّا
العارفين و العلماء و لست أعني بالعلماء المترسّمين برسوم العلماء و المتّسمين
بأسمائهم فإنّهم أبعد الناس عن الخوف بل أعني به العلماء باللّه و بأيّامه و
أفعاله و ذلك ممّا قد عزّ وجوده الآن، و أمّا المفرط فهو الّذي يقوى و يجاوز حدّ
الاعتدال حتّى يخرج
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 271