نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 270
لكثرة الجناية من العبد بمقارفة المعاصي و
تارة يكون بهما جميعا و بحسب معرفته بعيوب نفسه و معرفته بجلال اللّه تعالى و
استغنائه تكون قوّة خوفه، فأخوف الناس لربّه أعرفهم بنفسه و بربّه، و لذلك قال
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أنا أخوفكم للَّه»[1]و كذلك قال تعالى:
«إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ»[1] ثمّ إذا
كملت المعرفة أورثت جلال الخوف و احتراق القلب ثمّ يفيض أثر الحرقة من القلب على
البدن و على الجوارح و على الصفات أمّا في البدن فبالنحول و الصفار و الغشية و
الزّعقة و البكاء و قد تنشقّ به المرارة فيفضي إلى الموت أو يصعد إلى الدّماغ
فيفسد العقل أو يقوي فيورث القنوط و اليأس، و أمّا في الجوارح فبكفّها عن المعاصي
و تقييدها بالطاعات تلافيا لما فرط و استعدادا للمستقبل، و لذلك قيل: ليس الخائف
من يبكي و يمسح عينيه بل من يترك ما يخاف أن يعاقب عليه، و أمّا في الصفات فهو أن
يقمع الشهوات و يكدّر اللّذّات فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة كما يصير العسل
مكروها عند من يشتهيه إذا عرف أنّ فيه سمّا فتحترق الشهوات بالخوف و تتأدّب
الجوارح و يحصل في القلب الذّبول و الخشوع و الذّلّة و الاستكانة، و يفارقه الكبر
و الحقد و الحسد بل يصير مستوعب الهمّ بخوفه و النظر في خطر عاقبته فلا يتفرّغ لغيره
و لا يكون له شغل إلّا المراقبة و المحاسبة و المجاهدة و الضنّة بالأنفاس و
اللّحظات و مؤاخذة النفس في الخطرات و الخطوات و الكلمات فيكون ظاهره و باطنه
مشغولا بما هو خائف منه لا متّسع فيه لغيره هذا حال من غلبه الخوف و استولى عليه.
و قوّة المراقبة و المجاهدة بحسب قوّة الخوف الّذي هو تألّم القلب و احتراقه و
قوّة الخوف بحسب قوّة المعرفة بجلال اللّه تعالى و صفاته و أفعاله و بعيوب النفس و
ما بين يديها من الأخطار و الأهوال و أقلّ درجات الخوف ممّا يظهر أثره في الأعمال
أن يمنع من المحظورات، و يسمّى الكفّ الحاصل من المحظورات ورعا. فإن زادت قوّته
كفّ
[1] أخرجه البخاري من حديث أنس «و اللّه
انى لاخشاكم للَّه و أتقاكم له». و للشيخين من حديث عائشة «و اللّه انى لا علمهم
باللّه و أشدهم له خشية». (المغني)